الأمير تركي الفيصل يشارك في المنتدى الأول للحوار الخليجي الألماني حول الأمن والتعاون في برلين

التاريخ: الثلاثاء، 02 يوليو 2019م

شارك الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، في المنتدى الأول للحوار الخليجي الألماني حول الأمن والتعاون في مدينة برلين بجمهورية ألمانيا الاتحادية، والذي نظمته جمعية الصداقة العربية الألمانية بالتعاون مع الأكاديمية الاتحادية للسياسات الأمنية، وذلك يوم الخميس 24 شوال 1440 هـ الموافق 27 يونيو 2019م.

وحضر المنتدى د. عبداللطيف راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والشيخ ثامر علي صباح السالم الصباح رئيس جهاز الأمن الوطني بدولة الكويت الشقيقة، إضافة إلى شخصيات ألمانية ونواب من البرلمان الألماني (البوندستاغ)، كما شارك بالمنتدى بمشاركة نخبة من المختصين والمفكرين وعدد من الباحثين والصحفيين وأعضاء من مراكز الفكر والدراسات من كلا الجانبين الخليجي والألماني.

وتضمن المنتدى عدة جلسات، ناقشت عدة موضوعات مثل الإطار التاريخي للعلاقات الألمانية – الخليجية، وألمانيا ودول مجلس التعاون الخليجي: شركاء استراتيجيون في تعزيز السلام والاستقرار، كما عقدت عدة طاولات للحوار ناقشت التعاون في العلاقات الاقتصادية والعلاقات الخارجية، وكذلك التعاون في العلاقات الأمنية والعسكرية، كما ركز المنتدى على تعزيز العلاقات الخارجية ألمانيا مع دول مجلس التعاون الخليجي من خلال مناقشة موضوع: التحديات والفرص لإدارة وحل النزاعات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالحرب في اليمن.

 

وألقى الفيصل كلمة في الجلسة الافتتاحية للمنتدى أعرب فيها عن شكره وتقديره للجهود المبذولة لعقد هذا المنتدى من قبل جمعية الصداقة العربية الألمانية والأكاديمية الاتحادية للسياسات الأمنية.

وتحدث الفيصل في كلمته عن القضايا والتحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، والعالمين العربي والإسلامي، والتي تمتد لتؤثر على العالم بأسره، تحديات كثيرة ومتداخلة يغديها الصراع والإرهاب والتطرف. وركز الفيصل في كلمته على ثلاث تحديات تواجه المنطقة وهي: الطائفية، غياب العدالة، وتنامي دور القوى الإقليمية.

وقال إن الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003م، والثورة السورية المستمرة، والحرب من أجل اليمن، قد أدت إلى تفاقم الانقسامات الطائفية، فكلها كانت مخاوف سياسية وليست دينية أو عقائدية. مقترحًا عدم وصف النزاعات الطائفية في الشرق الأوسط من الناحية الدينية أو الأيديولوجية لأننا نعرف جيدًا أن هذه النزاعات لا علاقة له بالإسلام، ومشددا على أن إيران والثورة الإيرانية قائمة على الطائفية وتزيد من الحرائق الطائفية في دول المنطقة وخاصة العراق حيث ذروة الكراهية والطائفية في السنوات الأخيرة، وحيث يتم الترويج للانقسامات بشكل علني من قبل حزب الدعوة وبعض السياسيين الذين يعززون السياسات الموالية لإيران. كما ان الدور الإيراني في سوريا أدى إلى تعزيز الفصائل الطائفية الإقليمية، وقد شجعت دمشق المليشيات الدينية على الظهور والازدهار، مما أدى إلى توسيع حلقة العنف، مع عدم وجود حل سياسي في الأفق.

وضمن كلمته ومن أجل التغلب على الطائفية، أكد الفيصل على أهمية التركيز على الأسباب الثقافية والاقتصادية والسياسية وخاصة الجغرافية الإستراتيجية لحل الخلافات. وقال إن العرب والفرس جميعهم مسلمين، لكن السعودية وشركائها لا يستطيعون التسامح مع التدخلات الإيرانية في شؤونهم الداخلية، ولا يمكنهم تحمل عمل وتصرفات الميليشيات المسلحة الإيرانية أو الجماعات المسلحة الموالية لإيران في نشر الخراب في جميع أنحاء المنطقة. لقد أدى الهجوم الإيراني الاستفزازي الأخير على الملاحة في الخليج ومضيق هرمز إلى جعل المنطقة قريبة من الصراع، وهو ما سيؤدي في حال حدوث ذلك، إلى جعل الجميع ضحايا.

وحول التحدي الثاني وهو غياب العدالة، تسائل الفيصل عن احتواء الظلم الذي تجسده قضية فلسطين، والتي تشكل شاغلاً رئيسياً لما يقرب من قرن، مؤكدا على استمرار أهمية القضية الفلسطينية، وهو ما أكدته مؤتمرات مكة الأخيرة من أن قضية فلسطين تظل القضية العربية والإسلامية الأساسية. حيث أدان الملك سلمان بن عبدالعزيز وزعماء مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي "القرار غير القانوني وغير المسؤول" بالاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل، وأن هذا يعد "انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي والشرعية الدولية". وقد أعاد القادة العرب والمسلمون التأكيد على التزاماتهم بالسعي الفلسطيني لإقامة دولتهم وأكدوا على الأسباب التي تجعل هذا الأمر هو القضية العربية والإسلامية الأساسية.

وطالب الفيصل الحلفاء والشركاء في جميع أنحاء العالم، مضاعفة كل جهد ممكن لحشده للتوصل إلى حل دائم لهذا النزاع الذي يستند إلى العدالة. وقال إن الدول الأوروبية على وجه الخصوص في وضع مثالي للعمل من أجل تحقيق هذا الهدف. وأشار إلى أن العرض الأميركي الأخير لتحسين الوضع الاقتصادي لفلسطين هو أمر مثير للإعجاب لما يحتويه، لكنه يشبه الجسم الذي يضم جميع الأعضاء والقلب والكبد والكلى والجهاز الهضمي والأسلحة والساقين، ولكن أهم عضو وهو الرأس مفقود؛ وهذا الرأس هو دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية.

وخلال كلمته تطرق الفيصل للتحدي الثالث وهو الدور المتزايد للقوى الإقليمية. مشيرا إلى ضرورة بناء بنية أمنية جديدة في ظل الظروف الحالية، مذكرا بأن منطقة الشرق الأوسط هي نظام متعدد الأقطاب، تقوده اليوم قوى إقليمية كاملة: المملكة العربية السعودية ومصر وإسرائيل وإيران وتركيا. لذلك سنحتاج إلى إيجاد حلول عملية لإنهاء المواجهات. لا يمكننا تحمل مزيد من التوترات ولا نريد زيادة التنافسات. والمملكة العربية السعودية لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتتوقع المعاملة بالمثل.

 

في ختام كلمته، أكد الفيصل على ضرورة تعزيز الاستقرار وضمان الأمن من خلال قيم الدول بمهامها والدور المأمول منها، داعيًا إلى نتجنب الحروب التجارية على البضائع والسلع، وإلى كسر كل الجمود بين القوى العالمية الرائدة على وجه التحديد لتخفيف التوترات التجارية والاقتصادية. وقال إن مثل هذا الوئام سينهي التوتر التجاري المستمر بين الدول.

وأكد أن العالم العربي عمومًا ودول الخليج العربي بشكل خاص مستعدون لتحمل مسؤولياتهم. وتعي المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في مجلس التعاون الخليجي تمامًا احتياجات تمكين الشباب، وتمكين العقول لقيادة الثورة الرقمية، وتطمح إلى إدخال تغييرات تطورية - وليست ثورية - على وجه التحديد للحفاظ على قيمنا وخدمة البشرية على أفضل وجه ممكن. مضيفًا أن العالم العربي جزء لا يتجزأ من "الغرب"، لأن ما يوحدنا أكثر بكثير مما يفرقنا. الديانات التوحيدية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، خرجت من نفس المنطقة الجغرافية. ويمكن للمرء أن يقول بأمان أن العرب قد أدخلوا الفلسفة اليونانية إلى الغرب وأن الحضارة "الغربية" هي في الواقع "شرقية"، حيث أن أصولها تكمن في منطقتنا من هذا العالم. لذا فالقرن الحادي والعشرين يتطلب من العرب والأوروبيين العمل معًا، إن لم يكن لسبب آخر سوى إنقاذ ما يمكن أن يكون في حضاراتنا. وقال "نحن بحاجة إلى الجمع بين نقاط القوة لدينا والتعويض عن نقاط الضعف عند بعضنا بعض. نحتاج لأن نصبح شركاء كاملين بحثًا عن السلام والاستقرار، حيث الشرق الأوسط ليس مكانا لعدم الاستقرار، وأوروبا ليست ساحة للنضال. نحن بحاجة إلى بعضنا بعض للتصدي، معًا، للطائفية الخطيرة، وحل المظالم المتبقية، ومواجهة تحديات القوى الإقليمية التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين. هذه كلها قابلة للتنفيذ، ولكنها تتطلب الإرادة للعمل كشركاء حقيقيين".