قراءة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام ٢٠١٧م


حسن راضي

ستُجرى الانتخابات الرئاسية الإيرانية في ١٩ مايو ٢٠١٧م، في ظل ظروف في غاية التعقيد والحساسية على الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية؛ إذ لم تتحسَّن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة خلال فترة الرئيس الإيراني حسن روحاني، رغم وعوده بحل تلك المشكلات التي ورثها من عهد رئاسة محمود أحمدي نجاد (٢٠٠٥ - ٢٠١٣م). وقد راهنت حكومة حسن روحاني على أن نتائج الاتفاق النووي ستسهم في تجاوز الأزمة الاقتصادية التي أثقلت كاهل المواطن الإيراني، ولكن بعد مرور أكثر من عام على رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضةً على طهران من قبل المجتمع الدولي، لا يزال المواطن فاقداً الشعور بتحسُّن الوضع الاقتصادي الذي وصفه المسؤولون الإيرانيون ب“المريض”. ونتيجة تلك الأوضاع الاقتصادية المزرية تفاقمت مشكلات اجتماعية ونفسية أخرى مثل: الإدمان على المخدرات، والانتحار، والطلاق. وتشهد الساحة الإيرانية احتجاجات مستمرة لعمال وموظفي الدوائر والمصانع بسبب تأخر صرف رواتبهم أشهراً عدة. وعلى الصعيد السياسي تتصاعد وتيرة مطالب الشعوب غير الفارسية بحقوقها القومية. ونتيجةً لتلك المطالب والاحتجاجات زادت طهران من عمليات القمع والإعدام بشكل غير مسبوق في عهد الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي يُوصفب“المعتدل”.
وتشهد الساحتان الإقليمية والدولية متغيرات استراتيجية وتحولات متسارعة. وتشير التحركات والاستعدادات العسكرية لروسيا وأمريكا وبعض الدول الإقليمية الأخرى، إلى قرب الحسم العسكري في سوريا والعراق واليمن؛ على أساس اتفاقات وتقاسم مصالح مشتركة بين أطراف عدة. وقد قرأت طهران تلك المتغيرات، خصوصاً بعد تسلُّم دونالد ترمب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، ووجدت نفسها -بعد كل تلك الخسائر في المنطقة العربية- خارج اللعبة السياسية الجديدة. ولم تُخفِ إيران قلقها وتذمرها من نتائج التقارب والتنسيق التركي - السعودي – الروسي - الأمريكي الذي تجلى في سياقات مختلفة، وقد يرسم خريطة المنطقة المستقبلية، بعيداً عن النفوذ والتدخل الإيراني. وحاولت طهران تجاوز عزلتها الإقليمية - من خلال الاتفاق النووي، وتحسين علاقاتها السياسية مع واشنطن- لكن خابت آمالها بعد وصول ترمب إلى مقعد الرئاسة الأمريكية. وعادت العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية الجديدة على طهران بشأن تجاربها الصاروخية، بالعلاقة بين البلدين إلى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي. تلك التطورات الإقليمية والدولية دفعت طهران إلى أن تطرق باب دول الخليج العربي من جديد؛ فزار الرئيس روحاني كلاً من عُمان والكويت بشكل مفاجئ وسريع، في شهر فبراير الماضي؛ بغية تحسين العلاقات مع دول الخليج العربي. لكن اصطدمت طهران بالموقف الخليجي الواضح بقيادة المملكة العربية السعودية التي اشترطت لعودة العلاقات بينهما: احترام طهران مبدأ حسن الجوار، والكف عن سياسة التدخل وتصدير الثورة تجاه دول المنطقة العربية.