الإسلامويون الأكراد في العراق من الإخوان المسلمين إلى ما يسمى ب«الدولة الإسلامية»


الإسلامويون الأكراد في العراق من الإخوان المسلمين إلى ما يسمى ب«الدولة الإسلامية» امتداد أم اختلاف؟

محمد شريف

عدد ٥ – شعبان ١٤٣٦هـ – يونيو ٢٠١٥م

ملخص:

كانت الجماعات الإسلاموية الرئيسة في إقليم كردستان العراق منذ مدة طويلة جزءاً من المشهد السياسي، سواء على المستوى الكردستاني دون الوطني، أو على المستوى الوطني العراقي. وظهرت هذه الجماعات بالتدريج في أواخر عام 1980م، وأصبحت أكثر وضوحاً وبروزاً نتيجة الأعمال الوحشية التي تعرّض لها الشعب الكردي في ظلّ نظام صدام حسين الوحشي، قبل أن تحظى هذه الجماعات الإسلاموية الكردية بدور أساسي في الساحة السياسية الكردية الرسمية عام 1991م بعد الانتفاضة الكردية الشعبية في ربيع ذلك العام. ولم يصبح الإسلامويون إلى الآن عنصراً رئيساً مؤثّراً في السياسة الكردية، لكنهم مع ذلك مهمّون وفاعلون؛ فقد صاروا خلال مدة قصيرة في منتصف عام 1990م وسيلةً تظهر من خلالها أصوات الاحتجاج ضد الحزبين السياسيين الكرديين الرئيسين: الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني. والعامل الرئيس الذي ساهم في عدم انتشار أكراد العراق بشكل مطلق هو ارتباط معظمهم بالإسلام السُّنِّي. ولأن معظم الأكراد مسلمون، والدين الوطني العراقي الرسمي هو الإسلام؛ فقد كانت حركة التحرير الكردية حركةً قوميةً، لا حركةً مناضلةً لتحقيق الحقوق الطائفية أو الدينية؛ إذ لم تكن للأكراد مظالم على المستويات الدينية أو الطائفية.تتمتّع الأحزاب الإسلاموية الكردية بأتباع لا بأس بهم، وشاركت في جميع الانتخابات الحرّة منذ عام 1992م، لكن المجال السياسي المفتوح نسبياً هيّأ مناخاً مكّن الميول الإسلاموية الأخرى أيضاً من الازدهار والتوسّع؛ فتطوّرت أو ظهرت بعض الجماعات السياسية المتطرّفة التي انشقّت عن المنظّمات الإسلاموية السياسية الموجودة والنشيطة؛ نتيجة عدم رضا الناس واستيائهم من الجماعات الكردية الإسلاموية القائمة. وتتناول هذه الورقة سبب حدوث ذلك، وتبحث أيضاً في وجود صلة واضحة بين التمرّد الإسلاموي المناهض للولايات المتحدة الأمريكية، الذي ظهر بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، والجماعات الإسلاموية والتحوّلات داخل كردستان، لكن هذه الدراسة لا تؤكّد -بأيّ حال من الأحوال- أن التمرّد المناهض للولايات المتحدة الأمريكية كان من إسلامويين أكراد في المقام الأول، بل تبيّن أن الإسلاموية الكردية تمثّل جزءاً من الحركة الجهادية المتطرّفة التي اجتاحت الشرق الأوسط منذ يونيو عام 2014م. وتبحث هذه الورقة أيضاً فيما يُسمّى بـ(الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش)، التي نشأت من التمرّد المناهض للولايات المتحدة الأمريكية