المشهد السياسي في تونس في ضوء انتخابات 6 مايو 2018 م


د. محمد السبيطلي

أجريت الانتخابات البلدية في تونس على مرحلتين. كانت الأولى منهما خاصة بأفراد الجيش والأمن بتاريخ 29 إبريل 2018م. في حين كانت الثانية والأساسية يوم 6 مايو 2018م وشارك فيها الناخبون المدنيون. وتعد هذه الاستحقاقات المحلية أول تجربة منذ سنة 2011م. إذ منذ ذلك التاريخ لم تنظم أية انتخابات بلدية على الإطلاق، وهي أيضاً التجربة الأولى في تاريخ البلاد باعتبارها تتم في سياق التعددية الحزبية والسياسية.

وتكمن أهمية هذه الانتخابات البلدية في كونها تعكس موازين القوى السياسية والحزبية في البلاد، كما تبيّن الأحجام والأوزان لمختلف القوى المتنافسة على الساحة. وهي انتخابات تم تأجيلها أكثر من مرّة. وكانت آخر انتخابات بلدية قد جرت سنة 2010م في ظل النظام السابق. كما أن ما ميز هذه الاستحقاقات مشاركة الأمنيين والعسكريين. وهي أول مرة في تاريخ تونس تشارك فيها هاتان الفئتان من المواطنين في مثل هذه الاستحقاقات.

وشاركت في هذه الانتخابات البلدية 2074 قائمة منها 1055 قائمة حزبية، و860 قائمة مستقلّة و159 قائمة حزبية ائتلافية. وهنا يلاحظ أهمية المستقلين في هذه الاستحقاقات، وهي ظاهرة جديرة بالمتابعة والتحليل. كما أنه أمر ذو دلالة سياسية واجتماعية وثقافية مهمة، ولا سيما أن المستقلين يمثلون 41% من القوائم المتقدّمة للانتخابات.

وكان عدد الذين سجلوا أسماءهم في سجلات الناخبين يقدر بأكثر من خمسة ملايين وثلاثمائة ألف شخص، 52% منهم ذكور. ولعل تدني نسبة الإقبال في هذه الاستحقاقات يعد أول ملاحظة للمتابع. والثانية تتمثل في النتائج المهمّة التي حققتها القوائم المستقلّة. أما الملاحظة الثالثة فتتعلق بتراجع الحزب الأساسي في الحكم ((حزب نداء تونس) وتحوله إلى المرتبة الثانية في حين حل حليفه ومنافسه (حزب حركة النهضة) في المرتبة الأولى. علاوة على كل ذلك ظلت الأحزاب الصغيرة مهمشة وذات حضور باهت.