تسعى الدراسة إلى النظر في طرائق الخطاب السياسي والبحث في آلياته وفق المنهج التداولي من خلال استثمار نظرية بول غرايس، وإلقاء الضوء على نظرية الاستلزام الحواري، وبيان الغاية منه، وفوائده، وخصائصه، وأهم ما وجه إلى نظرية غرايس من نقد والرد عليه. وبيان وعي بعض العلماء العرب القدماء بمفهوم الاستلزام الحواري. وإلقاء الضوء على خطاب الملك فيصل وبيان صريحه ومضمره ونسبة كل واحد منهما في الخطاب من خلال تطبيق نظرية غرايس على الخطاب الحواري للملك فيصل وإظهار مدى التزامه بقواعد التعاون في خطابه، و صور الخروج عن قواعد التعاون التي مارسها فاقتضت استلزامات حوارية بينه وبين المتلقي، وبيان الجانب المجازي في لغة الخطاب السياسي للملك فيصل، ومدى توظيفه لهذا الجانب، حيث شكل الخطاب المجازي والاستعاري مساحة غنية عند الملك فيصل لاشتغال هذا المفهوم التداولي وفق مشروع غرايس، وتنوعت خطابات الملك فيصل بين التمسك بمبدأ التعاون والقواعد المتفرعة، وبين الخروج عن تلك القواعد، وجاء ذلك الخروج لغايات قصدية تخدم الهدف التداولي في الخطاب الحواري. و المتتبع لإجابات الملك فيصل الارتجالية، يُدرك أنه نموذج قيادي بارز؛ فهو يتقن فن الدبلوماسية، وفن الحكم، ويتجلى ذلك في الحكمة المتناهية في الرد على الأسئلة ، والمرونة البارعة، والمعرفة الواسعة بالتاريخ، والعزم حين يجب الحزم، واللين حين يجب الرفق، وسِعة الفكر، وبُعد النظر.