كلمة صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل "الأمن الإقليمي للشرق الأوسط ودور المملكة العربية السعودية في دعمه“

التاريخ: الأربعاء، 27 نوفمبر 2019م

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:

أود في البداية أن أشكر السيد تشي تشنهونغ، رئيس المعهد الصيني للدراسات الدولية، والشكر موصول لسعادة سفير الصين لدى المملكة السيد/ تشن وي تشين، على دعوتهم الكريمة لي للمشاركة في هذا المنتدى. والشكر موصول إلى السيد تشين نائب وزير الخارجية على كلمته الضافيه.

إن التهديدات التي تتعرض لها منطقة الشرق الأوسط، في الآونة الأخيرة، واتساع دائرة الصراعات الإقليمية، ومحاولات إيران توسيع نطاق نفوذها السياسي والعسكري، باتت تُشكِّلُ تحدياً؛ ليس لأمن دول المنطقة واستقرارها فحسب؛ بل على مستوى أكبر يمس أمن النظام العالمي واقتصاده واستقراره. وهو أمر تتطلب معالجته تضافر جهود أطراف دولية واقليمية عدّة.

إن الثورات التي عصفت ببعض الدول العربية، قبل عِقْدٍ من الزمن، وما نتج عنها من تبعات، والإنتفاضات القائمة الآن  قد غيرت - بشكل جليٍّ وواضح- البيئة الاستراتيجية التي تتعايش فيها دول المنطقة. كما أن السياسات الأمريكية والروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين نتج عنها تغيرات كبيرة في كيفية تعامل القوى الإقليمية مع هذه القوى الدولية، ومع بعضها بعضاً؛ ما يعني أن أمن منطقة الشرق الأوسط يواجه تحدياً كبيراً، كما أن توازن القوى الإقليمي في ختام العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، هو الآن في طور التشكُّل، مثلما أن صورة النظام الدولي الجديد، هي كذلك في طور التشكُّل والتحوُّل بعد أن سيطرت عليه الأحادية القطبية أكثر من عقدين من الزمن. 

فرضت أهميةُ منطقتنا الاستراتيجية، موقعاً وثروةً - وهي أهمية حقيقية- أن تكون عُرضةً للتقلبات الاستراتيجية في العالم، وعرضةً للتنافس بين قواه الكبرى على النفوذ والمصادر الطبيعية. وقد تجلَّت هذه الأهمية في حرص القوى الكبرى المهيمنة على أمن واستقرار المنطقة والاستثمار فيها، خاصة في منطقتنا الخليجية. ومع ذلك، فإن هناك سيولة في طبيعة التغيرات في النظام الدولي وتغير الاستراتيجيات الدولية، لاسيما الانكفاء الاستراتيجي الأمريكي، وبالتالي استدعاء التدخل الروسي في سورية، وتشجيع إيران وتركيا على ملء الفراغ الذي يتركه هذا الانكفاء.

إن الخطر الإيراني، هو خطرٌ حقيقيٌّ؛ سواء أكان ذلك في سعيها للهيمنة السياسية، أو في تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدولنا ونشر أفكارها الطائفية ومحاولة تصديرها إلينا، أو في دعمها للإرهاب الطائفي، أو في سعيها الحثيث لامتلاك التقنية النووية، وربما السلاح النووي، أو في غموض نواياها وخططها. إن كل المحاولات التي جرت خلال الأربعين عاماً الماضية لترشيد سياسات قادة إيران باءت بالخسران. وبالرغم من أننا لا نَكُنُّ أيَّ عداءٍ لإيران، ولا نريد لها ولا لشعبها أيَّ ضررٍ، كجيران وكمسلمين؛ إلا أن الحِفاظَ على أمننا الإقليمي يتطلب منا أن نسعى لمواجهة هذا الخطر وتحقيق توازنٍ في القوى معها. فالخللُ في هذا التوازن يسمح لقادة إيران باستغلال كل الثغرات للتسلّل منها إلى داخلنا.

ومنذ تأسيسها، دأبت المملكة العربية السعودية على القيام بدور فعّال في المنطقة والعالم بما يتماشى مع مصالحها الوطنية ومصالح المجموعة الدولية، في كنف التعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية بما يضمن السلم والأمن في منطقتنا العظيمة الأهمية للاقتصاد العالمي. إلا أن ذلك لم يمنع وجود تهديدات ومخاطر متنوعة تصطدم بالإرادة السعودية في الحفاظ على سلامة الملاحة الدولية وتدفقات الطاقة الموجودة في هذا الإقليم.

ولا شك في أن الاعتداءات التي جرت على منشأتين نفطيتين تابعتين لأرامكو في بقيق وخريص بالمملكة العربية السعودية قد جسَّدت صورةً كاشفة لسلوك إيران التي تسعى إلى إشاعة عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة. كما أن التدخل الإيراني في اليمن ومنطقة البحر الأحمر يمثل تهديداً مؤكداً للممر الدولي وعقبةً أمام التجارة العالمية. وفي هذا السياق تستشعر المملكة العربية السعودية المسؤوليةَ المنوطةَ بها في تأمين هذه الممرات خدمةً للسلم الإقليمي والعالمي. وبالرغم من أن المملكة لم تكن لتتوانى في الدفاع عن مصالحها والرد على هذه الاعتداءات بمثلها -كونها محاولة للنيل من سيادة دولة مجاورة-، إلا أنها اعتبرت - في الوقت ذاته- أن العمل من أجل السلام، مع الأخذ في الحسبان الاستعداد للدفاع عن سيادتها وسط هذه الظروف، سيُجَنِّبُ المنطقة والعالم مزيداً من الاختلالات الاقتصادية والسياسية الكبرى.

من هذا المنطلق، يمكن أن نرى اتجاهات المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط - مع موجة التهديدات الأمنية الأخيرة وغير المسبوقة -، تنعكس في ثلاثة محاور رئيسية:

 أولاً: الطموح الإيراني في السيطرة على مقدرات المنطقة ودولها. وهذا، وإن كان قد بدأ قديماً مع ظهور الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الإطاحة بنظام الشاه عام 1979؛ إلا أنه تطوَّر مع قيامها بانتهاك سيادة دول المنطقة ومدِّ نفوذها من خلال أذرعها لفرض نفسها كقوة إقليمية، سواء بسيطرتها الفعلية في العراق ولبنان وسوريا، أو بدعم الحوثيين في اليمن، أو باختراق الموانئ الرئيسية في باب المندب ومضيق هرمز وتهديد حرية الملاحة في مياه الخليج. والقيادة الإيرانية تتباهى بما تسميه سيطرتها على أربع عواصم عربيه (بغداد ودمشق وبيروت وصنعـــاء)، ولقد عبرت شعوب هذه الدول عن رفضها للتدخل الإيراني فيها اثناء إنتفاضاتها القائمة الآن لا بل إن الشعب الإيراني نفسه قد عبر عن رفضه لتدخل قيادته في هذه الدول بالشعارات التي أطلقوها في إنتفاضتهم ضد القيادة الإيرانية.

ثانياً: إضعاف النظام الإقليمي العربي ببثِّ مزيد من الاضطرابات، ما أدى إلى اتساع دائرة التنافس الاستراتيجي بين القوى الإقليمية في المنطقة، ناهيك عن مشروع التوسع التركي والاعتداء على الأراضي العربية في شمال سوريا، وهو تصعيد خطير يهدد أمن المنطقة واستقرارها، كما يُنافي الدور الإيجابي المتوقَّع أن تُساهم به تركيا في تعزيز أمن الإقليم واستقراره. هذا، إلى جانب سعي تركيا للتوسع في البحر الأحمر ومنطقة الخليج، وقيام غيرها من القوى الدولية والإقليمية ببناء قواعد عسكرية في منطقة القرن الأفريقي على ضفاف مداخل باب المندب. 

ثالثاً: يبقى الصراع العربي الإسرائيلي تحدياً حقيقياً لأمن المنطقة. لقد كان هذا الصراع، ولا يزال، سبباً في تعثُّر كثير من المشاريع العربية خلال السبعين عاماً الماضية ومشاريع دولية أخرى قُدِّمت حول مستقبل المنطقة. فمن دون حَلِّ هذا الصراع حلًّا عادلاً يستجيب لمطالب الشرعية الدولية لن تستقر هذه المنطقة، وستبقى عُرضةً لكل الاحتمالات السيئة حيث إن امتداداته تشمل كافة العالم العربي. وحَلُّ هذا الصراع ليس بيدنا وحدنا، بل هو مسؤولية دولية، وتجاهلُ حلِّ هذا الصراع من قبل الولايات المتحدة والدول الفاعلة يسهم في استمرار حالة عدم الاستقرار.

وفي هذا الصدد يمكنني أن أشير إلى مصير المشاريع الإقليمية التي طُرحت خلال فترة ما بعد مؤتمر مدريد، ثم اتفاق أوسلو حيث توقفت بسبب عدم التقدم في المسيرة السلمية. والجميع هنا يعلم أن الدول العربية رحبت بالمسيرة السلمية التي انطلقت في مدريد لحل هذا الصراع ضمن حدود الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ودخلت في مفاوضات مع إسرائيل للوصول إلى السلام المنشود. ولم تكتف بذلك، بل شاركت في كل الجهود والمفاوضات متعددة الأطراف من أجل إيجاد الظروف المناسبة وإيجاد الثقة المتبادلة. وقد ذهب بعضهم بعيداً في علاقاته بإسرائيل لتشجيعها على التزام طريق السلام. إن السلام العادل لم يتحقق، وكل ما بُذل من جهود تخص مستقبل هذه المنطقة والمفاوضات حول هندسة مستقبل جديد لها ذهبت أدراج الرياح بسبب التعنت الإسرائيلي. إن استمرار هذا الصراع سيبقى مُهدِّداً لأمن واستقرار المنطقة؛ حتى لو اعتقدت إسرائيل وحلفاؤها أن عدم استقرار أوضاع المنطقة وما يجري فيها حالياً لا يرتبط مباشرة بهذا الصراع الممتد. وهذا التبرير ما هو إلا تهرُّبٌ من استحقاقات السلام. علينا ألَّا نمنح إسرائيل الفرصة بأن تستغل أوضاع المنطقة للتنصُّل من هذا الاستحقاق المصيري، وينبغي أن يُربطَ أي تقدمٍ في العلاقات معها بإثبات صدقها في اتخاذ إجراءات ملموسة نحو السلام.

رابعاً: تفاقم ظاهرة الحركات الإرهابية في المنطقة: يبقى الإرهاب خطراً ماثلاً وتحدياً استراتيجياً للدول العربية والمنطقة ككل، لاسيما وهو يتلفع بعباءة ديننا الحنيف الذي يحاول اختطافه، ومن دون مواجهته مواجهة حقيقية على كافة الأصعدة ومعالجة أسبابه لن تنعم دولنا بالاستقرار. وهذا الإرهاب ليس إرهاب داعش أو القاعدة وتفرعاتهما فحسب، بل هو إرهاب كل القوى والمليشيات المتطرفة الطائفية في العراق وسورية واليمن ولبنان، وغيرها من الدول. فهذا الإرهاب العابر للحدود يشكل تهديداً وجودياً لمفهوم الدولة الوطنية في منطقتنا. كما ويتغذى بما يتعرض له المسلمين في الشرق والغرب من الضيم والإضطهاد.

 لقد أدت الثورات العربية الى انتشار الفوضى واتساع ظاهرة الحركات المتطرفة والإرهابية، التي وجدت بدورها أرضاً خصبةً في بعض الدول الهشّة أو ذات الأنظمة الضعيفة. كما أن بعض الجهات الإقليمية والدولية أدت دوراً كبيراً في تغذية وتقوية الحركات الإرهابية ودعمها وتمويلها وتوظيفها لخدمة أجندتها التوسعية في المنطقة. وقد تفاقمت الظاهرة الإرهابية لتهدد بلداناً ودولاً وأقاليم؛ بل تهدد الأمن الدولي ذاته، وأيقظت صراعاتٍ ونزاعاتٍ ظن الجميع أنها قد انطفأت جذوتها. وهذا ما حدث في العراق وسوريا وليبيا والصومال واليمن... ما وضع المنطقة أمام تحديات أمنية وجيوسياسية وديمغرافية كبيرة؛ ليس باندلاع الحروب وانتشار الأسلحة والفتن الأهلية فحسب، وإنما أيضاً بموجات واسعة من الهجرة البشرية غير النظامية نحو دول الخليج وأوروبا.

لذا، من الواجب على الجميع الإسهامُ في دحره وهزيمته وإيجاد الظروف المناسبة لمعالجة مسبباته. والمملكة، أيها السيدات والساده رائده في سلوك كل السبل لذلك.

  • المملكة العربية السعودية وتأمين الإقليم والملاحة الدولية

أضحت منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر والإقليم عامة منطقةً مهددةً في أمنها الداخلي، وأمن جوارها ومحيطها. وفي هذه الظروف تحملت المملكة مع حلفائها الإقليميين مهمّة تأمين المنطقة. ولم يكن ذلك لخدمة مصالحها الوطنية المشروعة، وحماية أمنها وسلامة مواطنيها فحسب؛ بل جاء أيضاً لحماية أمن حلفائها وأصدقائها في المنطقة، وكذلك لتأمين المصالح الدولية انطلاقاً من شعورها بالمسؤولية تجاه المجتمع الدولي.

وقد تجسد هذا الدور الإقليمي للمملكة في اليمن، حين تدخلت على رأس تحالف عربي عام 2015 لدعم الشرعية اليمنية ضد الإنقلاب العسكري الذي أطلقه الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح ،رحمه الله،. ومع تطوُّر تداعيات الحرب في هذا البلد الفقير، الذي تتلاعب به جماعة الحوثي الانقلابية خدمةً للمصالح الإيرانية وهيمنتها في المنطقة، وإلى جانب المجهود الحربي، تكفلت المملكة العربية السعودية بتقديم مساعدات إنسانية وتنموية بما قيمته 14 مليار دولار. وكانت دائماً الداعم الأول لليمن في جميع المجالات؛ سواء أكانت سياسية، أو اقتصادية، أو تنموية، أو إنسانية؛ نظراً للعلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين منذ الأزل.

وعلى مستوى البحر الأحمر، الذي تواجه دُوَلُهُ مخاطرَ القرصنة والإرهاب والهجرة غير النظامية، بادرت المملكة عام 2018 بتأسيس كيان الدول العربية والأفريقية المشاطئة له، والذي ضمَّ -ابتداءً- سبعَ دولٍ قابلة للزيادة (هناك حديث حول انضمام إرتيريا مؤخرًا لتكون الدولة الثامنة)، سعياً من المملكة للتعاون والتنسيق من أجل مواجهة المخاطر والتحديات المختلفة وتعزيز فرص التعاون الاقتصادي والبيئي؛ فكلما كان مستوى التنسيق أعلى بين هذه الدول المطلة على هذا المعبر المائي الاستراتيجي، استطاعت مواجهة التدخلات السلبية الخارجية والداخلية بشكل أكثر فاعلية. وفي هذا السياق، كان للمملكة دور بارز في المصالحة بين كل من إرتريا والحبشه، وإرتريا وجيبوتي من أجل توحيد الجهود لمواجهة المخاطر المشتركة.

كما كان للمملكة العربية السعودية -ولا يزال- دورٌ فعالٌ في مكافحة الجماعات الإرهابية في العالم. ولذلك أسست المملكة التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب عام 2015، والذي ضَمَّ 41 دولة، وتولَّت قيادته. ويعمل التحالف انطلاقاً من العاصمة السعودية لمكافحة التطرف والإرهاب عبر مبادرات فكرية وإعلامية وتبادل للخبرات ودعم القدرات.

وكان للمملكة أيضاً -ولا يزال- دورٌ مهمٌّ في مكافحة تنظيم "داعش" الإجرامي عبر المشاركة النشيطة في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي بدأ وإنطلق نتيجه الإجتماع الذي عقد في جده في عام 2014م لدول التحالف؛ سواء عسكرياً؛ أو في مجالات داعمة لخدمة الغرض ذاته. فقد أسست المملكة عدداً من المراكز الفكرية والإعلامية الحديثة العاملة على الصعيدين الإقليمي والدولي لمكافحة فكر الجماعات المتطرفة، والقيام بحملات موجهة إلى المجتمعات المعرضة لخطر التشدُّد من أجل الحدِّ من تأثير إعلام داعش والقاعدة وغيرهما. كما أن المملكة تساهم بفعالية مع دول الساحل الأفريقية الخمس لدحض هذا الداء فيها.

 وأود أيضاً الإشارة إلى قدرة المملكة العربية السعودية على القيام بالمعالجات السلمية لأزمات المنطقة من خلال استضافة المفاوضات بين الأطراف المتنازعة، وهذا ما تم مؤخراً في اتفاق الرياض بتاريخ 5 نوفمبر 2019 بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي. ولا تزال مبادرة المرحوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للسلام في الشرق الأوسط هي السبيل العادل والمنصف لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي العربية الأخرى.

  • الخاتمة: أهمية التعاون بين المملكة العربية السعودية والصين في استقرار المنطقة

إن المثل العربي يقول: صديقك من صدقك لا من صدَقك وأنا واثق من أن قيادتينا في بكين والرياض يسيران على هذا المبدأ.

لقد اعتبرت المملكة تعزيزَ العلاقات والروابط مع الصين، حتميةً سياسيةً تجسدها تحديات المرحلة الراهنة. فبينما مثلت منطقة الشرق الأوسط في نظر الصين جزءاً مهماً من مبادرة الحزام والطريق، ومورداً حيويّاً لسدِّ احتياجاتها من الطاقة، كان لدول الخليج دورٌ مهمٌّ أيضاً في استقرار أسعار النفط العالمية، وقد مارست دوراً حيوياً في المنطقة؛ سواء أكان ذلك بسبب التضائل في إنخراط الدول الغربية في حل الصراعات كما هو الحال في سوريا، أو من جانب الإمتداد الروسي في سوريا.

كما أن المملكة العربية السعودية، انطلاقاً من رؤية ٢٠٣٠، تسعى بشكل حثيث لتنويع موارد اقتصادها وتقليل اعتماده على النفط، وذلك من خلال عدة برامج ومبادرات، منها: فتح مجالات جديدة ومتعددة للاستثمار، يأتي على رأسها التعدين والسياحة، واستهداف الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال مشروعات البنى التحتية والمشروعات العملاقة. وفي هذا السياق، هناك مجال واسع لتعاوُن الصين مع دول الخليج بشكل عام، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية؛ ليس فقط في تأمين منطقة الشرق الأوسط عموماً، ومنطقة الخليج العربي والبحر الأحمر خصوصاً، خدمةً للمصالح المشتركة، والسلم والأمن الدوليين، ولكنْ أيضاً في التعاون الاقتصادي الذي يعود نفعه على الجميع؛ انطلاقاً من مبادرة الحزام والطريق ورؤية ٢٠٣٠، واستناداً إلى "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" التي تم توقيعها بين الجانبين في عام ٢٠١٦م. إن مجالات التعاون السعودي الصيني واسعة ورحبة وعلى البلدين والشعبين أن يستفيدا منها.

 

 

صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل

رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

بكين، الصين