محاضرة: اتجاهات الأمن العالمي والتهديد النووي - ما هي الردود الممكنة؟

التاريخ: 2017-10-08

محاضرة عامة | | 2017-10-08

دعا الباحث والمحلل السياسي الدولي دان سميث، مدير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (سيبري)، إلى إيجاد قنوات مفتوحة للحوار والتفاهم بين إيران وجيرانها من دول الخليج العربي حتى يتم توفير فرص حقيقية لتحقيق السلام وتخطي العقبات، وإلى أهمية الابتعاد عن التصعيد والمواجهة، مشيرا إلى أن الاتفاق النووي بين إيران من جهة والولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى يعيق إيران من امتلاك السلاح النووي، فالوكالة الدولية للطاقة النووية تحاول حمل إيران على وقف برنامجها النووي، حيث تعتبر السعودية الاتفاق مشكلة وخطرا يهدد المنطقة.

جاء ذلك خلال محاضرة عقدت تناولت مجموعة واسعة من قضايا السلام والأمن في الشرق الأوسط واتجاهات الصراع العالمي تحت عنوان "اتجاهات الأمن العالمي والتهديد النووي: ما هي الردود الممكنة" أقامها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية مساء الأحد 18 محرم 1439هـ، 8 أكتوبر 2017، في الرياض، وسط حضور كبير من المختصين بالشؤون السياسية والخبراء والأكاديميين وسفراء الدول الأجنبية والشخصيات العامة.

وقال: "رغم أن عدد الرؤوس النووية في العالم قد انخفض وبالتالي انخفض التهديد النووي إلا عدد الأسلحة النووية ارتفع مع انتشار الأسلحة النووية، وبصورة كبيرة مقارنة بالقرن الماضي، وهناك دول تسعى لامتلاك الأسلحة النووية مع استمرارا تلك الأسلحة وتطوير الترسانات النووية، والدول الأعضاء في مجلس الأمن يسعون للحد من الانتشار النووي، وفي عام  هناك 2015م عقد مؤتمر دولي للحد من انتشار الأسلحة النووية وتم خلال إحراز تقدم قليل في هذا الاتجاه. وهناك فشل في تنفيذ الاتفاقية الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية وخاصة فيما يتعلق بالمادة السادسة منها ضمن اتجاه متصاعد لعدم الالتزام بهذه الاتفاقية وبالتالي زيادة التهديد النووي. وأغلب العالم يركز على كوريا الشمالية، وربما تحصل إيران على هذه الأسلحة ولكن كوريا حصلت عليها منذ 2010م وأصبحت دولة نووية وقامت بأول اختبار نووي في 2016م وهذا العام أجرت 24 اختبارا على الصواريخ النووية بوتيرة متصاعدة، وصدرت 9 قرارات من مجلس الأمن بفرض الحظر على كوريا الشمالية لهذا السبب ولم يتم تفعيلها أو استجابة كوريا للحد من قدرات كوريا النووية، مع تزايد الضغط العسكري والتهديد بالعمل العسكري".

وأكد دان سميث أن اتجاهات الأمن العالمية غير مريحة على الإطلاق في الوقت الراهن، مبيناً أنه خلال العشرين عاماً الماضية بعد انتهاء الحرب الباردة منذ 1990م إلى 2010م أصبح العالم مكان آمن وقلت الصراعات المسلحة من 30% إلى 10% حول العالم، ولكن منذ 2011م ارتفعت مرة أخرى وتيرة الصراعات في العالم إلى 50%، وأيضاً الصراعات المسلحة تستمر فترات طويلة مقارنة بالماضي، فمنذ 50 عاماً كان الصراع يستمر إلى ما يقارب 10  سنوات أما الصراعات التي انتهت في 2014م فمتوسط فترة استمرارها 20 عاماً لذلك نجد الكثير من الصراعات المسلحة حاليا مع استمراها فترة طويلة.

وأوضح أن تكلفة الصراعات المسلحة زادت كثيراً في الآونة الأخيرة، فعلى صعيد الخسائر البشرية تم قتل 400 ألف شخص في سورية، وأيضاً عدد النازحين واللاجئين وصل إلى 6 مليون نسمة في نهاية 2016م، وكذلك زيادة ثلاثة أضعاف في عدد اللاجئين الذي عبروا البحر خلال الفترة الأخيرة، وبحسب أرقام البنك الدولي فإن متوسط تكلفة الصراعات المسلحة في الوقت الحالي تصل إلى 35 إلى 70 مليار دولار سنوياً جراء هذه الصراعات، وهناك ثروة كبيرة تبدد بسب هذه الصراعات، خاصة في سوريا وليبيا، مشيراً إلى أن الدول المجاورة لتلك البلدان التي تعيش الصراعات المسلحة على أرضها تعاني من حيث غلاء الأسعار وارتفاع نسب التضخم وكذلك صعوبة السيطرة على انتشار الأسلحة، وهناك عدد كبير من الدول تشارك في هذه الصراعات خلال العشرين عاماً الماضية.

وأضاف مدير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (سيبري): "شهد العقد الأخير ارتفاع كبير في قيمة الإنفاق العسكري، حيث ارتفع قيمة الإنفاق العسكري 40% نهاية 2016م مع توسع تجارة الأسلحة ونقلها وزيادتها بنسبة 8% عن العام الماضي. وبالنسبة للأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، خلال الأسابيع الماضي تم الإعلان عن تدمير باقي الأسلحة الكيمائية المتبقية من أسلحة الاتحاد السوفيتي، وتقلصت الأسلحة النووية في العالم. وفي ذروة الحرب الباردة بلغ عدد الرؤوس النووية  من 65 إلى 70 ألف رأس نووية وانخفض هذا العدد. وهناك غموض في المحادثات الدولية الجارية حول نزع أسلحة الدمار  الشامل حول العالم، فيما تواصل الدول النووية التسع تطوير قدراتها العسكرية سواء من خلال الطائرة دون طيار أو الإنسان الآلي الذي يستخدم في المعارك، وتستخدم هذه الأسلحة في الدفاع والهجوم ضمن بيئة عسكرية نشطة".

وذكر أن هناك دول غير مستقرة الآن، ويتبين أنه على المدى الطويل من الاتجاهات الدولية التي تحتاج منا الانتباه والاهتمام لتحقيق الأمن في المستقبل، ليس هناك استقرار للأمن العالمي بسبب ارتفاع مستوى الظلم وعدم العدالة بين الدول خلال السنوات الماضية، والإجحاف في حق بعض المجموعات من البشر لتمييز عرقي أو ديني أو سياسي أو غيره. وكذلك التنافس على الموارد الطبيعية على المستوى المحلي والدولي، إضافة إلى التغير المناخي رغم عدم الإجماع العلمي على آثاره السلبية خاصة فيما يتعلق بالظروف المناخية المتطرفة في بعض الدول والمناطق خاصة على الدول الفقيرة، فيما تدخل الدول الكبرى في صراعات مسلحة من أجل الاستحواذ على الموارد. وزاد: "هناك تغير كبير في القوى السياسية مثل ظهور الهند والصين كقوة عسكرية وإعادة الثقة في روسيا وانخفاض قوة الولايات المتحدة مع غياب الاتحاد الأوربي سياسياً، ويحتاج ذلك حلول متكاملة وتعاونية، بجانب زيادة في عدد سكان العالم واكتظاظ المدن بهم بنسبة أكثر من 50% من السكان، فالتغير السكاني يمكن فيما بعد أن ينتج مشاكل اجتماعية واقتصادية".

وحذر الباحث والمحلل السياسي الدولي من خطورة الحرب الإلكترونية حيث بات الأمر واقعاً ملموساً ومثيراً للكثيرين، مبيناً أنه في الآونة الأخيرة صرح سياسي بريطاني أن الحرب التي ستكون أكثر نشاطاً هي الحرب الإلكترونية، كما أن هناك خبير روسي أن الحرب الإلكترونية قضت على كافة أشكال الحرب التقليدية بسبب نوع الهجوم، مبيناً أن هناك أنواع عديدة للحرب الإلكترونية تم شنها خلال السنوات الأخيرة وتم الكشف عن جزء منها فقط.