تونس: حكومة المشيشي وخريطة توازنات سياسية جديدة
طرأت على المشهد السياسي العام في تونس في الأشهر الأخيرة تغيّرات مهمة، بدا ذلك في تحالفات وتحالفات مضادة في البرلمان وعلى مستوى العلاقة مع الرئيس ومبادراته، كانت توحي بإمكانية ثبات المحاور على تقارب سياسي بين بعض أحزاب اليسار والحزب الإسلامي المتمثل في حركة النهضة. وقد تجسد ذلك في ائتلاف حكومي أشرف على تشكيله الرئيس قيس سعيد في سياق تكوين الفريق الوزاري لحكومة إلياس الفخفاخ. تقارب تم بين أحزاب تنتمي جميعها لمخرجات ثورة ٢٠١٠-٢٠١١م، وإن بدت في مراحل معينة بعيدة نسبيًّا عن بعضها البعض لعوامل سياسية وأيديولوجية، إلا أن انتخاب قيس سعيد لرئاسة الجمهورية من جهة ثم انتخابات تشريعية أنتجت برلمانًا يُهيمن عليه التشتت وعدم وجود أغلبية واضحة، ثم فشل تمرير حكومة الحبيب الجملي، قاد إلى تفاهمات اعتقد الكثير أنها قد تمثل قطيعة مع مشهد ما قبل وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي. فما التحولات التي طرأت على المشهد السياسي؟ كيف يمكن قراءتها وفهم مساراتها؟ وما أهميتها بالنسبة لمستقبل العلاقة التي تربط بين مكونات السلطة، وكذلك بين أهم الأطراف السياسية المؤثرة؟ وما مستقبل مختلف القوى الحزبية في البلاد في ضوء ذلك؟ لإدراك ما حدث في الأشهر الأخيرة يجدر استعراض مسار سقوط حكومة الرئيس الأولى والتي قادها إلياس الفخفاخ مدة خمسة أشهر.