متابعات إفريقية، العدد التاسع عشر

المحرر: د. محمد السبيطلي

يتزامن نشر هذا العدد من «متابعات إفريقية» ومستجدات مصيرية يشهدها السودان، قد تكون لها تداعيات محلية وإقليمية كبيرة؛ ذلك أن الإجراءات التي أعلن عنها الفريق عبد الفتاح البرهان -الاثنين ۲٥ أكتوبر- استهدفت المرحلة الانتقالية بمرجعيتها الدستورية ومؤسساتها وقواها السياسية وتوازناتها وشخوصها، وأعادت من جديد زمام المبادرة وتجميع كل السلطات بيد القيادة العسكرية، وجعلت أنظار المتابعين تتوجه نحو رد فعل الشارع الذي كان وراء الإطاحة بنظام البشير سنة ۲۰۱۹م، وكذلك نحو كيفية استجابة مختلف القوى المدنية أو حاملة السلاح و«المتمردة» في السابق؛ وهي قوى الأطراف التي تصالحت في سياق المرحلة الانتقالية مع المركز. كما تركز الاهتمام نحو دور القوى الإقليمية والدولية والمنظمات الأممية وموقفها لما حدث.

ذلك أن التغيير الذي حصل في السودان، ومحطات المرحلة الانتقالية، والتشارك في السلطة بين مكون مدني وطرف عسكري، ثم توقيع وثائق المصالحات والسلام، قطع خطوات نحو عودة السودان للمحافل الدولية، كل ذلك كان برعاية ودعم أممي. لكن تعليق المرحلة الانتقالية وحل مجلس السيادة والوزراء، ستكون لهما بالضرورة تداعيات على علاقات الأطراف السياسية بعضها ببعض وبالدولة من جهة، وعلى الوضع الأمني الداخلي وكذلك على العلاقات الإقليمية وخاصة مع إثيوبيا، وبعض دول الجوار، وعلى حضور السودان في المحافل الدولية وخاصة لدى الدول والمؤسسات المانحة.

 ويبقى السؤال الآن عن مدى قدرة السودان على تثبيت المصالحات التي كانت مع الحركات المسلحة، وعن قدرة الحكومة المزمع تشكيلها على التعاطي مع ما يحدث من حركة احتجاجية شرق البلاد، وضمان عدم انزلاق البلاد من جديد نحو أزمة سياسية واجتماعية، وقدرة الجيش على تحصين الوضع الأمني الداخلي من حدوث اختراق من طرف جماعات التطرف المسلح في هذه المرحلة القلقة؛ لا سيما مع توافد فصائل مسلحة مختلفة للتمركز داخل العاصمة، وكذلك تأمين الجبهات الحدودية وخاصة منطقة الفشقة.

 في الأسابيع الأخيرة ظهر نشاط بعض خلايا جماعات التطرف المسلح في السودان، فكان هذا من بين الموضوعات التي تضمنها العدد، وكذا ظاهرة تمدد الإرهاب في أقاليم إفريقية أخرى، مثل: الكونغو ومنطقة بحيرة تشاد وبعض دول الساحل وجنوب الصحراء، فكان السؤال كذلك حول أسباب التمدد والثغرات التي تركتها جهود مكافحة التطرف المسلح. كما تناول العدد الدبلوماسية الأمنية لدول المغرب العربي تجاه إفريقيا جنوب الصحراء، وكذا قضية احترام الحقوق والحريات من طرف القوات المشتركة لدول الساحل الخمس في أثناء أداء عمليات مكافحة الإرهاب.