متابعات إفريقية، العدد الثالث والعشرون

المحرر: د. محمد السبيطلي

تشهد بيئة الأعمال الاستثمارية في الدول الإفريقية تحسنًا نسبيًا كبيرًا خلال العقدين الأخيرين، خصوصًا في ضوء قيام عدد من هذه الدول، بإصلاحات تشريعية ومؤسسية؛ لتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، مما يخلق فرصًا واعدة للاستثمار في هذه الدول، وهو ما أدى إلى ارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا ليصل إلى نحو 97 مليار دولار عام 2021م، وفي هذا السياق، جاءت موضوعات العدد الثالث والعشرين من متابعات إفريقية، إذ ركزت مجموعة من الأوراق على فهم مناخ الاستثمار الأجنبي في إفريقيا وتحليله، وبخاصة تلك الانعكاسات على مستوى التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في دول القارة جنوب الصحراء الكبرى. كما تسابقت على الاستثمار عدة اقتصادات عظمى، كان على رأسها الصين، التي بدأت تتوغل اقتصاديا في إفريقيا، بأشكال غير نمطية، أهمها: الاستثمارات التي اتخذت صورًا مختلفة، مثل: «نموذج البنية التحتية مقابلًا لموارد» المعروف اختصارًا بـ«نموذج أنجولا». وبالتركيز في دول إفريقية بعينها، وفي ظل زيادة الارتباط الأوربي بدول القارة، يتعرض هذا العدد للاستثمارات الأجنبية في دول شرقيّ إفريقيا (كينيا وإثيوبيا نموذجًا)، كما يركز في نموذج الاستثمارات الأمريكية في الشرق الإفريقي؛ نظرا للأهمية الاقتصادية والإستراتيجية لهذا الإقليم. هذا، في الوقت الذي لم تكن فيه الدول العربية والخليجية بعيدة عن المشهد الاستثماري في هذه المناطق، بل تزايدت الاستثمارات العربية بشكل ملحوظ، وبخاصة في دول القرن الإفريقي، وتنوعت في مجالات عديدة، أهمها: قطاع الزراعة، وقطاع الطاقة، وسط آمال عريضة؛ بأن تكون القارة الإفريقية مصدرًا مهمًا لتحقيق جزء مهم من الأمن الغذائي العربي. هذا، في الوقت الذي لم تستطع فيه الاستثمارات الأجنبية إنقاذ بعض الدول الإفريقية من براثن الفقر وانعدام الأمن الغذائي، إذ تُعدُّ دول الساحل الإفريقي من بين أهم الدول التي تعاني من معضلة انعدام الأمن الغذائي، وبخاصة مع تزايد حالات الجفاف وتدهور الأراضي الزراعية، ليس فقط؛ بسبب شح الموارد الطبيعية، بل يرجع الأمر -بشكل أساسي- إلى فشل سياسات التنمية الاقتصادية والاستثمارية عمومًا،

وفشل السياسات الزراعية خصوصًا. وقد لوحظ في السنوات الأخيرة، إدخال الصين لبعض التعديلات على سياسة التمويل في القارة الإفريقية. وذلك، في سياق المناخ العام الذي تركته جائحة كوفيد-19، وأيضًا، بسبب إدراك الحكومة الصينية لمزيد من تفاصيل الوضع السياسي العام للدول الإفريقية، مثل: تفشي الفساد، وعدم الاستقرار السياسي. كما تضمن العدد، بعض الأوراق التي تناولت محاور غير اقتصادية التي لها علاقة -بصورة أو بأخرى- بالاستثمار الأجنبي. فالتنافس الأمريكي الصيني في مجال التسلح في كينيا؛ يعكس -في الحقيقة- تعارض المصالح الاقتصادية، ومن ثم، الاستراتيجية في شرقي إفريقيا.