تطوّرات سياسة فرنسا في سوريا
للباحثين: جان دوفورك وأوليفر كامبف
ناقش المحللون بشكل مطول سياسة فرنسا تجاه العرب، التي طرحها -في ذلك الوقت- شارل ديجول، وكان ينظر إليها على أنها (طريق فرنسا الثالث) بين القوتين الرئيستين خلال حقبة الحرب الباردة. وتفسر هذه السياسة الخارجية نهج فرنسا الفريد إزاء القضية الفلسطينية، التي كانت -على مدى عقودٍ- المسألة الوحيدة المثيرة للجدل في الشرق الأوسط، ثم إزاء الصراع في لبنان، خصوصاً خلال الحرب الأهلية (١٩٧٥-١٩٩٠م) فنهاية نموذج ثنائية القطبين (الشرق، والغرب)، والنظام العالمي الجديد، وحروب الخليج، والآمال والنكسات المتعلقة بمحادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، كلها عوامل مختلفة يمكن أن تفسر: كيف أصبحت هذه السياسة أقل وضوحاً؟ ولماذا فقدت اتّساقها بشكل تدريجي؟
تغيرت هذه السياسة بسرعة كبيرة في بداية عام ٢٠١٠ بسبب عنصرين رئيسين، هما: دعم فرنسا المتأخر لما سُمِّي وقتها ب(الربيع العربي)، وهو ما يفسر موقفها المتشدد تجاه سوريا، وسعي فرنسا إلى تحالفات جديدة، وتحديداً مع دول الخليج الغنية: بدايةً مع قطر، ثم تلتها المملكة العربية السعودية. وتحول هذا المنظور بشكل سريع في أعقاب الهجمات الوحشيةالتي وقعت في باريس عام ٢٠١٥م: حادثة إطلاق النار التي استهدفت صحيفة شارلي إبدو، وحادثة القتل الجماعي المروّعة الأبشع في باريس في ١٣ نوفمبر، فمنذ ذلك الحين تبدلت فجأةً نظرة فرنسا تجاه سوريا، وهو ما أثر بشدة في سياسة فرنسا تجاه العالم العربي كلّه