سيناريوهات مستقبل منصب المرشد الأعلى في إيران
عدد 16 نوفمبر 2014م (صفر 1436هـ)
ملخص:
من أكثر العناصر المثيرة للجدل والغموض في فنّ إدارة الحكم في إيران ما بعد الثورة. إنه وضع فريد، غير قابل البتة للمقارنة مع المؤسسات الأخرى (العليا) في نظم الدولة الحديثة؛ مثل: رئاسة الجمهورية، أو تولّي العرش في النظام الملكي، أو تقلّد أعلى رتبة عسكرية في مجلس عسكري؛ فالمرشد الأعلى في إيران يمثّل المرجعية التي لا يمكن الاستغناء عنها بشكل حقيقي، وقد أجبرت وفاة آية الله روح الله الخميني -أول مَن شغل هذا المنصب- عام 1989م خلفاءه على القيام بمراجعةٍ جوهريةٍ للدستور من أجل تسهيل صعود علي خامنئي إلى سدة الحكم خلفاً للخميني، وإيجاد مؤسسة جديدة فاعلة يتمتّع بمعظم صلاحياتها التي كان الخميني ينفرد بها، وليس كلّها. ولأن الزعيم الحالي لا يتمتّع بالكاريزما الهائلة، والمكانة العالية، التي كان سلفه يتميّز بها، فمن المرجّح أن تكون هناك مراجعة أخرى على جدول أعمال التعديل الدستوري فور تخلّيه عن هذا المنصب، الذي سيكون على الأرجح نتيجة موته بصورة طبيعية. هناك مسألة أخرى مهمة في هذه العملية، وهي موقف النخبة في الجمهورية الإيرانية الإسلامية تجاه قضية الخلافة؛ ففي مدة محدودة خلال الثمانينيات شهد النظام السياسي بروز (الفقيه المنتظر) آية الله منتظري، الذي اختارته مؤسسة تمّ إنشاؤها خصيصاً لهذا الهدف عام 1984م، وهي مجلس الخبراء؛ بسبب تقدّم سنّ الخميني، والحاجة الملحة إلى أن تكون البلاد مستعدةً لاحتمال رحيله في أيّ وقت. وقد أدّت القطيعة التي حدثت بينه وبين الخميني بشكل تدريجي، وإعفاء الخميني له من منصبه عام 1988م، إلى حرمانه من أيّ منصب مماثل بعد ذلك، وهو ما حدث بالفعل في عهد خامنئي (منذ عام 1989م إلى الوقت الحاضر). وهذا الأمر يعني أيضاً أن الآلية التي أدّت إلى اختيار خامنئي وفّرت رؤًى مفيدةً حول الخطوات الممكنة التي قد يتم اتخاذها في أثناء العملية التي ستكون مواتيةً لاختيار الزعيم المقبل؛ لأن الإعداد العام فيما يخصّ التعيينات التي تمّت، والتعيينات الأخرى التي ستتمّ لاحقاً، تشترك كلها في درجة الأهمية؛ لذا سيكون هناك تركيز في أحداث عام 1989م قبل مناقشة الحالة الراهنة، والتحركات والسيناريوهات الممكنة للمضيّ قدماً