تغيير في القمة: أسباب تعيين حسين سلامي قائداً عامّاً للحرس الثوري الإيراني وتبعاته
أعلن المرشدُ الأعلى علي خامنئي في الحادي والعشرين من إبريل عام 2019 إحلالَ حسين سلامي نائبِ القائد العام للحرس الثوري الإيراني محلَّ رئيسه عزيز جعفري. وتمثلُ هذه الخطوة تتويجاً لعملية مستمرة من التجديد في صفوف الرتب العليا في الحرس الثوري منذ أوائل عام 2017.
لقد كان تغيير جعفري قراراً متوقعاً، لكن المفاجأة كانت في أنه جاء لاحقاً بهذه السرعة لإعلان البيت الأبيض الحرسَ الثوري تنظيماً إرهابيّاً. فمنذ عام 1997، وضعَ خامنئي حدّاً غير رسميٍّ قدره عشر سنوات لقيادة الحرس الثوري؛ ولذلك، كان من المقرَّر تغييرُ جعفري عام 2017، لكن خامنئي أعلن في صيف ذلك العامِ مدَّ ولايته ثلاثَ سنوات أخرى، وبذلك كان تغييرُه في إبريل 2019 ما يزال في أثناء هذه المدة الإضافية. إن خامنئي يتحفَّظ على تجاوُز قاعدة السنوات العشرِ هذه في حالات كثيرةٍ، ويُرتِّب لهذا النوع من التغييرات بانتظام؛ لكي يحقِّق تحولاً سلِساً. وينطبق ذلك الأمر خاصةً على رئيس السلطة القضائية أيضاً، الذي يُستبدَل به أيضاً كل عشر سنواتٍ؛ إذ حل مؤخراً إبراهيم رئيسي أحدُ معاوني خامنئي محلَّ صادق لاريجاني.
إلَّا أن اختيار حسين سلامي لم يكن اختياراً تلقائيّاً أو محسوماً؛ فخامئني باختياره لسلامي بدلًا من العديد من كبَّار الضباط، يستمر في إقرار التغيير الجِيلي التدريجي الحَذِر الجاري في الإطار المؤسسي للجمهورية الإسلامية في الشهور القليلة الماضية. لقد أفرز هذا التغييرُ رموزاً لم تبرُز إلَّا في ولاية خامنئي (بعد عام 1989)، وأصبحت تتقلَّد المناصب الرئيسةَ تدريجيّاً. وتتميز هذه الرموز بولاءٍ ثابت لخامنئي، وليس ولاءً «انتقل» إليه من الخميني. وكذلك من المرجَّح أن يُنظَر إلى سلامي باعتباره اختياراً مناسباً للتحديات القصيرة المدى والمتوسطة المدى التي يواجهها الحرس الثوري بعد أن أعلنه البيت الأبيض تنظيماً إرهابيّاً؛ وذلك نظراً لتصريحاته العامةِ العنيفة المعادِية لأمريكا وإسرائيل، ولتفضيله الهجومَ على الدفاع في التعامل مع خصومِ الجمهورية الإسلامية. والراجِحُ أن اختياره يمثِّلُ رسالةً ـ على المستوى الخَطابي على الأقل ـ بأن الحرس الثوري ومرشده خامنئي لا يخيفهم إعلانُ البيت الأبيض الأخيرِ، وأنهم سيستمرون في السعيِ وراء تحقيق أهدافِ الحرس في إيران ومنطقة الشرق الأوسط.