مبادرات سلام البحر الأحمر: دور المملكة العربية السعودية في التقارب بين إريتريا وإثيوبيا
في سبتمبر 2018، عقدت كلا من دولتي إريتريا وجمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية اتفاقية سلام تاريخية أنهت الصراع المستمر بينهما الذي امتدّ لعشرين عاماً. تم وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية، والمعروفة باسم ميثاق جدة للسلام، في المملكة العربية السعودية. واختتمت من خلال الجهود الدبلوماسية الدولية بقيادة الاتحاد الأفريقي، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. نجح الاتفاق في استعادة السلام بين إريتريا وإثيوبيا على الرغم من فشل جميع جهود الوساطة الدولية السابقة. وللحفاظ على السلام وتوطيده بين إريتريا وإثيوبيا، شرعت المملكة في تبنّي استراتيجيات لتحقيق الاستقرار في بلدي القرن الأفريقي هذين، وتعزيز السلام في منطقة القرن الأفريقي قاطبة، ودعم الشراكات الجماعية في البحر الأحمر. لا تخلوا تلك الاستراتيجيات من تحديات، والتي تشمل المبادرات الاقتصادية والتجارية والأمنية المستهدفة لضمان التزام النخب في إريتريا وإثيوبيا بالسلام. كما تشمل دعم جهود تطوير موانئ البحر الأحمر وسدّ النهضة الإثيوبي الكبير. وكلها تعمل على، تعزيز استراتيجيات الشراكات بين منطقة الخليج والقرن الأفريقي وتوسّع آفاق الاستثمار في رؤية المملكة العربية السعودية 2030 لتشمل مشاريع رؤية إفريقيا 2030 للتطوير والتنمية. ومع ذلك، فإن الصراعات الدائمة في منطقة القرن الأفريقي ومنطقة الخليج يمكن أن تعرض تحالفاً قوياً من هذا النوع بين دول الخليج والقرن الأفريقي والبحر الأحمر للمخاطر. لكن الحاجة الملحة للسلام في إريتريا وإثيوبيا، والتي أدت إلى وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، أظهرت أيضاً أنه لا يوجد بلد آخر غير المملكة العربية السعودية هو أقرب جغرافياً من دولتي القرن الأفريقي، علاوة على الاهتمام الواضح من قبل المملكة ووجود موارد تحول دون اندلاع صراعات في المستقبل يمكن أن تعرّض هذا السلام للخطر. دفعت هذه الأسباب المملكة العربية السعودية لتثبيت الاتفاق، على الرغم من طبيعة التفاعلات في هذا المشروع الطموح. والواقع أن تاريخ المملكة الطويل في دعم مبادرات السلام الدولية بين إريتريا وإثيوبيا، الذي نستشهد به هنا، إلى جانب رأس المال البشري في منطقة الخليج والقرن الأفريقي والمشاريع المشتركة بينهما، كان أمراً أساسياً لإحياء الزخم والدفع به نحو تحقيق السلام بين إريتريا وإثيوبيا بدعم من المجتمع الدولي.