متابعات إفريقية، العدد الحادي والعشرون
ما تزال بعض الأزمات السياسية الحديثة التي يشهدها عدد من دول القارة الإفريقية تتفاعل، سواء مع الديناميكيات الداخلية، أو بتفاعل القوى العالمية معها. وعلى هذا الأساس، وفي ضوء هذه التطورات، جاءت مواد العدد ٢١ من «متابعات إفريقية». فتقدم القوات الإثيوبية الحكومية في مختلف جبهات القتال، وتراجع قوات جبهة تحرير شعب تيغراي، ومختلف مواقف القوى الدولية والإقليمية منها، ينبئ أن المستقبل يحتمل اتجاهات متباينة يصعب التكهن بها. وخصوصًا بعد أن ذهبت تحاليل عدّة للتكهن بقرب سقوط النظام الحاكم في أديس ابابا. ومهما تكن هذه التغييرات التي قد تشهدها إثيوبيا، فإنها ستنعكس على شرق القارة، وكذلك، على دول القرن الإفريقي، وما يتبع ذلك من تهديدات قد يشهدها أمن البحر الأحمر.
والتوترات التي تشهدها المنطقة، تجلت -أيضًا- في استمرار عدم استقرار الوضع في السودان منذ سقوط البشير. فالاحتجاجات المتواصلة التي شهدتها العاصمة الخرطوم في نهاية شهر ديسمبر، وتشتت النخب السياسية في موقفها من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذت من طرف القيادة العسكرية يوم ٢٥ أكتوبر المنصرم، لا تشي بوضوح نهاية هذه المرحلة الانتقالية، وخصوصًا أن الرمز المدني لها (الدكتور عبد الله حمدوك) يبدو أنه فقد كثيرًا من رصيده الشعبي على إثر هذه التطورات. وبالانتقال لدولة جنوب السودان، فالوضع فيها مرتبط -إلى حدٍ كبير- بالصراعات الإثنية الداخلية، وأيضًا، بالتوازنات السياسية الإقليمية، التي هي مرتبطة -بدورها- بالوضع في إثيوبيا والسودان.
وخارج هذا الإقليم، ولكن ليس بعيدًا عنه، تبقى الأوضاع في دولتي تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى -بدورها- غير مستقرة. فالحوار الوطني الذي تخطط له «أنجمينا» للخروج من مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس «إدريس ديبي» لم تتضح بعد مضامينه ولا الأطراف المشاركة فيه. أما في «بانغي»، فالاستقرار ما يزال مفقودًا، والبحث في السبل المؤدية إليه متواصلًا. في ظل تدافع قوى دولية عدّة، وتعامل القوى المحلية معها؛ مما يزيد التعقيدات. وعلاوة على الملفات التي تم التطرق إليها أعلاه، ففي هذا العدد نلقي الضوء على ملف الحدود البحرية بين الصومال وكينيا، والدور التاريخي الذي تقوم به الجزائر لحلحلة الأوضاع في مالي، وكذلك قراءة مقارنة بين اقتصاديّ المغرب وجنوب إفريقيا.