التداعيات الاقتصادية والسياسية للحرب الروسية الأوكرانية في إفريقيا
تتجه أحداث الحرب الروسية الأوكرانية إلى منعطف تاريخي؛ ليس فقط للقارة الأوروبية، ولكن أيضًا لإفريقيا والعالم عمومًا؛ فمنذ نهاية الحرب الباردة، لم يشهد العالم حدثا بارزًا ومؤسِّسًا لمسار جيواستراتيجي مفصلي، مثلما نحن بصدد مشاهدته اليوم مع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. آثار ذلك قد تختلف من قارة لأخرى، وكذلك من بلد لآخر، وذلك بحسب الاندماج في الاقتصاد العالمي، والتبعية بصورة أو بأخرى للعلاقات السياسية والاقتصادية مع روسيا، والقمح الأوكراني، أو لنقل الأسواق العالمية للمواد الأولية الإستراتيجية غذائية كانت أو صناعية، خاصة ونحن في قارة ما زالت تعاني من تبعات جائحة كورونا الاقتصادية؛ فثلثا ما يستهلكه الأفارقة من القمح، يستورد من الأسواق الخارجية. وكانت الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 2008م، قد تسببت في انتفاضات واحتجاجات شعبية في العديد من دول القارة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية. واليوم نعيش سياقًا عالميًا شبيهًا، مع تشابكات أكثر تعقيدًا، باعتبار أن جذور الأزمة الأوكرانية، هي سياسية في الأساس، وأن لها تبعات اقتصادية أكيدة، بفعل العقوبات الدولية على روسيا، وتعطل بعض خطوط الإمداد الغذائية، وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، لذلك - وبسبب عمق وتنوع التشابك السياسي والجيبوليتيكي والاقتصادي بين إفريقيا وروسيا – فإن مسار الحرب في أوكرانيا، ومآلاتها ومداها الزمني، سيكون له تداعيات سياسية مهمة، يجدر رؤية ذلك بحسب السيناريوهات الممكنة، التي قد تكون لهذه الأزمة العالمية.