متابعات إفريقية، العدد الثلاثون

المحرر: د. محمد السبيطلي

تتوزع الأوراق التي يتضمنها هذا العدد الجديد من دراسات إفريقية، على ثلاثة محاور؛ أولها: سياسي، وثانيها: اقتصادي، وثالثها: أمني. يحتضن الملف الأول ثلاث أوراق؛ وهي تلك التي تناولت الانتخابات التشريعية في السنغال، ثم موضوع الحوار الوطني في تشاد، وأخيرًا ورقة تاريخية / سياسية، تعالج مسألة الذاكرة التاريخية الإفريقية للاستعمار الفرنسي.

الرابط بين هذه الموضوعات، يكمن في بحث الشعوب والنخب السياسية الإفريقية عن سبل السلام، في تسوية الخلافات السياسية الراهنة، أو الماضية. تتميز التجربة السياسية السنغالية - عبر تنظيم انتخابات دورية، لضمان ممارسة السلطة، والتداول السلمي عليها، في منطقة غرب إفريقيا، ومجموعة دول الساحل، التي تعيش على وقع انقلابات عسكرية، وأحداث إرهابية، واضطرابات اجتماعية وسياسية، عطلت مسار بناء الدولة الوطنية، وأرهقت المجتمعات، وأصابت المؤسسات بالهشاشة والعقم. وفي هذا السياق، وبحثا عن طريق آمن لمغادرة مساحة الحروب الأهلية وأزماتها، يأتي الحوار الوطني في تشاد، والذي لا يبدو - إلى حد الآن - أنه تحول من عملية سياسية جزئية، إلى مسار شامل وجامع، باعتبار عدم التوفق في استقطاب كل القوى السياسية للمشاركة فيه.

العلاقات التاريخية المؤلمة، والتي تثقل الذاكرة الإفريقية بمآسيها، هي المتعلقة بممارسات الجيوش، والسلطات الاستعمارية الغربية في إفريقيا، تعيق تحقيق مصالحة تاريخية بين شعوب القارة والدول الغربية، ولا سيما فرنسا. واليوم نشهد ولادة حركات تحرر إفريقية جديدة، تود استكمال حركات الاستقلال، وتصفية الاستعمار، التي تمت بعد الحرب العالمية الثانية. وفي حين، قد تكون نجحت بعض الدول الأوروبية في معالجة «الذاكرة التاريخية» لحقبة الاستعمار، فإننا نرى ترددًا وتلكأً للتجربة الفرنسية في هذا المجال. وهذا ما تناوله الأستاذ الدكتور: بومدين بوزيد في ورقته، انطلاقا من التجربة الجزائرية.

نجد في المحور الاقتصادي لهذا العدد، ورقة تبحث في مدى نجاح الدبلوماسية الاقتصادية الإفريقية في المرحلة الراهنة، وأهمية الرهانات والتحديات. كما نجد ورقة عن الأهمية الاقتصادية الإستراتيجية للطرق العابرة للقارة، مثل: طريق القاهرة – كيب تاون، في تحقيق التكامل بين اقتصادات الدول الإفريقية. أما ورقة الأستاذ حسن الطويل، فقد اتجهت نحو دراسة العائدات التي تجنيها جيبوتي، من موقعها على منفذ باب المندب.

المحور الأمني عادت بنا أوراقه، لإلقاء نظرة محدثة عن الوضع في موزمبيق، ومدى نجاح القوى الإقليمية والمحلية في احتواء الظاهرة الإرهابية. إلى جانب طرح معضلة الهواجس الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، وهشاشة الدولة.