متابعات إفريقية، العدد السادس والثلاثون
منذ سنة ۲۰۲٠م، وإلى حد شهر سبتمبر من السنة الجارية ۲۰۲۳م، شهدت إفريقيا موجة جديدة من الانقلابات العسكرية، كان آخرها - وإلى ما حد الآن- ما حدث في الغابون، نهاية شهر أغسطس من هذه السنة. وقد سبقه بشهر انقلاب في النيجر، الأمر الذي أثار الاهتمام من جديد، بمدى استقرار مؤسسات الدولة الدستورية والمدنية في القارة. انقلاب تقوم بها وحدات عسكرية، وجدت خصيصا لحماية أعلى مؤسسات الدولة، مثل: الرئاسة والحكومة ظاهرة تثير تساؤلات عن خلفية هذه الأحداث السياسية /الأمنية، والأطراف الداخلية والخارجية - إن وجدت - التي تقف وراءها، وعن تداعياتها الإقليمية والدولية، وتكلفتها الاقتصادية والسياسية، وكيف يمكن أن تتعامل معها المنظمات الإقليمية، والقوى الدولية.
في هذا العدد مجموعة من الأوراق، تحاول الإجابة عن بعض هذه الأسئلة وغيرها. لكن السياق الإفريقي العام، الذي ينزل فيه العدد الجديد «من متابعات إفريقية»، هو عودة الانقلابات، وعدم تحقيق تقدم مهم على المستوى الأمني، في البلدان التي تحكمها مجموعات انقلابية منذ بضع سنوات؛ مما يدعو إلى التساؤل حول الجدوى منها.
من جهة ثانية، يتواصل الاهتمام في هذا العدد بتقييم تجربة التعليم العربي في البلدان الإفريقية الناطقة بغيرها، ويتم ذلك من خلال تتبع تاريخ تأسيس مدارس تعليم اللغة العربية، وانتشارها وتطورها، والتحديات التي تواجهها، من حيث مستقبل خريجيها المهني، وتمويلها، وتكوين إطاراتها، ومستوى أدائها، بالمقارنة مع التعليم في المؤسسات التعليمية الموازية.
وفي إطار البحث في أصول ومظاهر العلاقات العربية الإفريقية في التاريخ تأتي أهمية دراسة الرحلات العلمية والحجية من بلاد الهوسا، إلى بلاد الحرمين الشريفين، والتعريف بالعلماء الذين تركوا أثرا مخطوطا، يمكن تصنيفه ضمن أدب الرحلات.
وفي باب الاهتمام بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في القارة الإفريقية، تضمن العدد ورقة عن ظاهرة الفقر، وأسبابها وطرق معالجتها؛ ولا سيما في ظل تتابع الأزمات الدولية. كما تطرقت ورقة ثانية إلى مسؤولية الانقلابات العسكرية، في إعاقة مسيرة التنمية، وتعطيل الإصلاحات، بوقوع الأنظمة الانقلابية تحت طائلة العقوبات الإقليمية والدولية، والحصار، وهدر الموارد....
وبالتوازي مع ذلك، تضمن العدد ورقة عن أسباب وعوامل استمرار توسع عمل بعض الحركات الإرهابية (الصومال مثال على ذلك)، رغم وجود جهود محلية وإقليمية ودولية، لمواجهة الظاهرة؛ فهل يعود ذلك إلى قصور في أدوات وإستراتيجيات المواجهة، أو أنها عوامل ذاتية تفسر ذلك؟ وهي اسئلة تطرح في الحقيقة على مكافحة الإرهاب؛ سواء أكان في منطقة الساحل والصحراء، أم في شرقي إفريقيا.