متابعات إفريقية، العدد التاسع والثلاثون
في سياق الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يعود الاهتمام الكبير بالتطورات التي تحدث في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وبحر العرب. ويعود من جديد تركيز الأضواء على تداعيات تلكم الأحداث عن أمن الإقليم برمته، وخاصة القرن الإفريقي، ومنطقة شرقي إفريقيا بصفة عامة، بل قد يصبح ذلك مدخلا لفهم وقراءة حاضر ومستقبل كل الأقطار الإفريقية، المرتبطة من قريب أو بعيد بما يحدث في البحر الأحمر وعلى سواحل شرقي إفريقيا عمومًا.
ومهما يكن من أمر، فما يحدث في البحر الأحمر من حشد دولي لحماية الملاحة الدولية، وما يجري بالتزامن مع ذلك، من عودة بعض القوى الدولية للبحث عن موطئ قدم لها في الإقليم، لا يخفي ما يمكن أن يكون من تقارب بين فواعل غير نظامية، حاملة للسلاح، قد يؤثر على المدى المنظور، في أمن واستقرار القرن الإفريقي، والدول الإفريقية الأخرى المجاورة غربًا لهذا الإقليم.
وفي هذا السياق، تتنزل الأوراق التي تضمنها هذا العدد (۳۹)، والتي تتناول أمن البحر الأحمر، وسواحله الإفريقية، ونشاط بعض المجموعات الإرهابية، وتعاونها مع بعضها، سواء أكانت في اليمن أو الصومال.....
القارة الإفريقية لا تعيش أزمات أمنية فقط، بل تشهد أيضًا انعدام استقرار سياسي؛ إلا أنَّ تعامل النخب الحاكمة يختلف من دولة إلى أخرى؛ ففي السنغال، تم تجاوز عقبة الانتقال من عهد إلى آخر، عبر ما أقرته صناديق الاقتراع، في حين قد تتَّجه أنغولا إلى سبل أخرى، لاستمرار النظام، وذلك بانتقال السلطة بطريقة أو أخرى من الأب إلى الابن، حتى لو كان ذلك عبر الانتخابات.
وثمة أمر مشابه حدث في تشاد، وتسعى بعض الدول التي اختارت تسوية أزماتها بالانقلابات العسكرية إلى الاستفادة من التدافع الدولي في إفريقيا، بمحاولة استقطاب الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري، من الدول الآسيوية الكبرى، سواء منها الصين أو روسيا... أو غيرهما من الأطراف الآسيوية، التي تبحث عن القيام بدور - حتى لو كان ثانويا - في إفريقيا، وخاصة في البلدان التي تعمل على التخفف من عبء الدول الأوروبية الاستعمارية التقليدية.
تتَّجه العديد من البلدان العربية إلى تجاوز العلاقات التاريخية، التي تربطها بإفريقيا، نحو علاقات اقتصادية وسياسية، تقوم على خدمة المصالح المشتركة، في ضوء التطورات التقنية والتجارية العالمية والتنافس الدولي المحتدم، للاستفادة من ثروات القارة السمراء، وفي هذا السياق، جاءت دراسة «آفاق تطور العلاقات الاقتصادية العربية الإفريقية واقع الاستثمار والفرص المستقبلية». كما يحتوي العدد على أوراق مهمة أخرى ذات مضامين ثقافية وتاريخية تهتمّ بالتفاعل بين إفريقيا والعالم العربي.