الخطابات السلفية والجهادية في إفريقيا: بوكو حرام وشبكة الإرهاب الصاعدة في غرب إفريقيا


أميدو ساني

أستاذ الدراسات الإفريقيّة والشرق أوسطيّة - جامعة ولاية لاجوس - نيجيريا

تعرّضت إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لمشروع (تنقية العقيدة الإسلامية)، منذ أن غزا المرابطون غانا عام 1062م إلى الغزو المغربي لإمبراطورية الصنغاي عام 1591م الذي لم يكن في ظاهره (إسلامياً بما فيه الكفاية). وقد اتّخذ هذا المشروع شكلين:
شكل الموادعة والإصلاح الذي يقوده الفكر، كما هو الحال مع الشيخ المغربي محمد بن عبدالكريم المغيلي التلمساني في القرن الخامس عشر الميلادي، والشيخ المالي أحمد بابا التمبكتي (تُوفِّي عام 1627م) في القرن السادس عشر الميلادي. والشكل الآخر هو الحركات الاسلامية المتشدّدة التي ظهرت في القرن التاسع عشر الميلادي الذي عُرف ب(الحقبة الجهادية)، وكانت لها أهمية خاصة في وسط إفريقيا، وكان من أبرز قادتها: مابا دياكو با (1809 - 1867م) الذي كان نشطاً في سنغامبيا، والحاج عمر بن سعيد طعل (1795 - 1864م) في مالي الوسطى، وعثمان بن فودي (1754-1817م) في يابسة إفريقيا الوسطى (نيجيريا، والنيجر، والكاميرون). وأصبح هذا التطور في النصف الثاني من القرن العشرين نقطةً مرجعيةً للأيديولوجيات الجهادية
في نيجيريا منذ أن كانت الشريعة حاكمةً في دولة خلافة صُكُتُو التي أسّسها عثمان بن فودي خلال الفترة بين عامي 1804م و 1903م. كما أنّ الثورة الإسلامية في إيران التي اندلعت عام 1979م كانت بمنزلة قوة دافعة للنشاط السياسي والتوجهات الإصلاحية في الغرب الإفريقي المسلم، والتي راوحت بين الاعتدال والتطرّف، حتى قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت حركة إزالة البدعة وإقامة السُّنَّة المعروفة بـ (إزالة)، وهي حركة إصلاحية سلفية قُطْرية تقوم على إعمال ظاهر النصّ انبرى لخدمتها أبو بكر محمود غومي (1924 - 1992م) وهو عرّابها وأبوها الروحي، المنبر الذي جمع كلاً من: (أنصار الموادعة) السلفية العلمية في نيجيريا، وخصومهم من منظّري (الجهادية السلفية) التي تعدّ (بوكو حرام) من أبرز ممثّليها. وتقدّم هذه الدراسة لمحةً عامةً عن تاريخ السرديّات السلفية والجهادية في وسط وغربإفريقيا، وتُولي (بوكو حرام نيجيريا) اهتماماً خاصاً؛ لأنها تشغل الآن حيزاً واسعاً من الاهتمام على المستوى الإقليمي في الغرب الإفريقي المسلم.