حدود ومستقبل الأدوار الدولية في إعادة بناء الجيش الصومالي
لا تزال معضلة إعادة بناء جيش وطني صومالي تمثل تحديا كبيرًا أمام الحكومات المتعاقبة في مقديشو منذ انهيار نظام سياد بري في عام ١٩٩١م، وما تبعه مباشرة من تفكيك للمؤسسات الأمنية والعسكرية في البلاد. وعزز تلك التحديات ظهور حركة الشباب المجاهدين، ونشاطها في وسط البلاد وجنوبها، مستغلة ضعف الحكومة الفيدرالية، وقوات الجيش الصومالي على مدار العقدين الماضيين. وأخذا في الحسبان عدم إغفال الممانعة الإقليمية التي تستهدف تعطيل تشكيل الجيش الصومالي خلال السنوات الماضية، في سبيل الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية التي تتعاظم باستمرار غياب دور صومالي إقليمي قوي وذلك نتيجة تخوفات بعض دول الحوار المباشر من استعادة الصومال فوته ونفوذه الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي، بما قد يهدد مكانة تلك الدول ونفوذها، مثل: إثيوبيا، وكينيا، وما يعنيه ذلك من اختلال توازنات القوة في المنطقة، لا سيما أنها تخشى وجود حكومة قوية في مقديشو، قد تطالب باستعادة سيادتها على بعض المناطق التي كانت تقع ضمن الأراضي الصومالية، مثل: إقليم أو جادين الإقليم الصومالي في إثيوبيا، والإقليم الشمالي الشرقي (غاريسا) في كينيا.
ومع تنامي الأهمية الإستراتيجية للصومال في القرن الإفريقي، التي تفرضها عدة عوامل، وعلى رأسها للموقع الجيوستراتيجي، الرابط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، فقد أسهم ذلك في تصاعد اهتمام عدد من القوى الدولية الفاعلة بالانخراط في الصومال، من أجل تعزيز حضورها ونفوذها في المنطقة، بما يضمن لها القرب من مسرح التفاعلات الدولية والإقليمية في مناطق إستراتيجية مهمة، مثل: القرن الإفريقي، والبحر الأحمر، والحيط الهندي، والخليج العربي، والشرق الأوسط. واستعلت تلك القوى حاجة الصومال لإعادة بناء جيشه الوطني، كمدخل أساس لتعزير دورها وحضورها في البلاد فقد انخرطت بعض القوى الفاعلة مثل: الولايات المتحدة وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، وتركيا، والإمارات، وبعض دول الجوار الإقليمي في هذا التوجه، على مدار السنوات الماضية، من خلال تدريب القوات الصومالية، وإقامة عدد من القواعد العسكرية، ومعسكرات التدريب في الداخل الصومالي، إضافة إلى إرسال وحدات من الجيش الصومالي للتدريب خارج البلاد : وهو ما يثير تساؤلات حول تأثير تلك التحركات الدولية تجاه الصومال في مستقبله الأمني، بما في ذلك عملية بناء الجيش الصومالي في المرحلة المقبلة. وفي هذا الإطار، يحاول هذا المقال الإجابة عن تساؤل رئيس يقول: ما حدود ومستقبل الأدوار الدولية والإقليمية في إعادة بناء الجيش الصومالي؟