مؤتمر: مكة المكرمة والحجاز في عصر الاستعمار


عقد مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، المؤتمر السنوي للفكر السياسي الإسلامي بعنوان: (مكة المكرمة والحجاز في عصر الاستعمار: الهجرات والشبكات العلمية في القرنين التاسع عشر والعشرين)، بمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين والباحثين المحليين والدوليين، على مدى، وذلك يومَيْ 18-19 ربيع الاول الموافق  6-7 من ديسمبر الجاري، في قاعة معهد الفيصل لتنمية الموارد البشرية للتدريب بالرياض.

وافتتح الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الدكتور سعود السرحان فعاليات المؤتمر، بتقديم تعريفي عن المؤتمر ومحاوره وجلساته.

وناقش المؤتمرون أربع حلقات نقاشية على مدار يومين؛ ففي اليوم الأول ناقشت الجلسة الأولى: الشبكات البحثية في الحجاز في العهد العثماني عشية الاجتياح الإمبريالي، وتناولت الشبكات البحثية في العالم الإسلامي والمتواجدة في الحجاز ليلة اجتياح نابوليون لمصر، مع النظر إلى الشبكات الثقافية والبحثية والاجتماعية، والتأثيرات التي انتقلت وانتشرت من وإلى مكة المكرمة والمدينة المنورة قبل الاستعمار الإمبريالي الأوروبي.

وتحدث كيمل آيدن من جامعة نورث كارولينا الأمريكية، في المحاضرة الافتتاحية، عن مكة بوصفها مركزًا للعالمية الإسلامية في الفترة 1882-1980م، مبينًا أن هذه الفترة شهدت تنافسًا بين العثمانيين والبريطانيين والروس للوصول للحجاز، مشيرًا إلى دور الملك فيصل -رحمه الله- في جعل الحجاز مركزًا للعالم الإسلامي في ظل صراع مع الدولة المصرية والرئيس جمال عبدالناصر وربط كثير من الدول بمكة والحجاز وتكوين تحالف إسلامي واسع شمل مصر وباكستان، ودول إسلامية عالمية ضد المد السوفييتي.

وأشار إلى أن الرئيس أنور السادات استخدم ما أسسه الفيصل من رصيدٍ للدولية الإسلامية للضغط على إسرائيل في معاهدة كامب ديفيد 1978م، وأن السعودية أصبحت قائدةً للعالم الإسلامي.

تطرق الباحث صهيب بايج من جامعة كاليفورنيا بيركلي في هذه الجلسة إلى الشبكة البحثية الهندية والحجاز العثماني 1821-1879م خلفاء الشاه ولي الله، وارتباطهم بالحجاز. كما استعرض هونج تاك واي من جامعة هونغ كونغ ورقة بعنوان (الهوية الدينية على الحدود: تعاون المسلمين مع إمبراطورية تشينغ خلال حروب الخوجه أواخر القرن 18 وأوائل القرن 19 الميلاديين)، مبينًا أن أتباع الأديان تعرضوا لإجراءات غير قانونية وعقوبات شديدة في الصين.

وركزت حلقة النقاش الثانية "العلماء المنفيون، وصعود الإسلام العالمي الناشئ"، على الشبكات البحثية الرسمية للعلماء القادمين من المجتمعات المستعمرة وتراثهم الأيديولوجي ومن عاصرهم وتلاميذهم ومن حمل الأيديولوجيا الخاصة بهم من بعدهم، والسياسات على مستوى الدولة والمواقف وتأثيرها في مختلف الحركات والأفكار.

وألقت الباحثة أمّيك كاتمان من جامعة أمستردام كلمةً بعنوان (الحجاز من خلال عيون الثوار المغاربة المناهضين للاستعمار في عام 1904م، رحلة الحج لمحمد بن جعفر الكتّاني). في حين تحدث مصطفى عبدالعال من جامعة كمبريدج بورقة بعنوان (من مكة إلى كادونا: الروابط والتأثيرات، وانعكاساتها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية لمجتمعات شمال نيجيريا). ورصد الباحث مصطفى بايج من جامعة إكستر في ورقة عمله (تأثير علماء الحرمين الشريفين: الشبكات البحثية بين الهند البريطانية والحجاز في أواخر القرن 19 وأوائل القرن 20 الميلاديين).

وشهد اليوم الثاني للمؤتمر محاضرةً للباحثه أورليكه فريتاغ من مركز ليبينز الشرق الحديث بعنوان "درب المتعلم: بيت نصيف بوصفه نقطةَ التقاء الدوائر الإصلاحية". فيما جاءت الحلقة الثالثة بعنوان "التجار، والأقليات، والمهاجرون"، حيث تناولت الشبكات العامة مثل: سلالات التجار المسلمين التي نشأت في الحجاز وخلفياتها الدينية والعلمية، وهجرة الأقليات المسلمة (الصينية والروسية وغيرهما) واستقرت في الحجاز.

وقدم محمد السبيطلي الباحث في مركز الملك فيصل دراسةً تاريخية للمجتمع المكي في القرن 19 الميلادي، في حين تحدث تيكا راماديني من مركز ليبينز الشرق الحديث عن "الهجرة من أجل التعلم: المرأة الجاوية في مكة أوائل القرن 20 الميلادي"، وسلط الباحث منصور بخاري الضوءَ على الهجرة التركستانية وأثرها في مجتمع المدينة المنورة، كما تطرق الباحثان هدى عبدالغفور أمين من جامعة الملك عبدالعزيز وهيونج جانيس من جامعة ديوك، إلى مَلْمَح عن الجالية التركستانية في الحرمين 1945-1975م من منظور اجتماعي واقتصادي.

واستعرضت حلقة النقاش الرابعة التي كانت بعنوان "سياسة الهوية، والحرمين الشريفين في القرنين 20 و21 الميلاديين، بين المؤسسات الدينية والمعارضات الدينية"، الأفكارَ الأيديولوجية الموروثة عن القرن التاسع عشر في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والأفكار المتعلقة بالحج ، وكيفية تمثيل وتصوير مكة المكرمة في السرد الشرعي لكلٍّ من المؤسسات الدينية والمعارضين.

وتناول جيريمي كليدوستي من الأكاديمية الفنلندية بورقته بعنوان"الإمبرياليةَ في المنفى: ظهور ورثة الإمبراطورية العثمانية". وقدمت جينيتا كاريس الباحثة في جامعة لندن SOAS، ورقة عمل بعنوان "بين الأرض المقدسة والوطن: كتابات مسلمي البوسنة عن الحج في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية".

وفي ختام المؤتمر السنوي للفكر السياسي الإسلامي ألقى الدكتور سعود السرحان الأمين العام للمركز كلمةً ختامية عبر فيها عن شكره لكل المشاركين في المؤتمر على ماقدموه من أوراق علمية ثريه تدعم الباحث في مجالات الفكر السياسي الإسلامي، واثراءهم لمؤتمر المركز السنوي.

 


مؤتمر الفكر السياسي الإسلامي السنوي بعنوان: "مكة المكرمة والحجاز في عصور الإستعمار الغربي للعالم الإسلامي: الهجرات والشبكات العلمية في القرنين التاسع عشر والعشرين"

الرياض من 6-7 ديسمبر 2017م.

لم يشهد القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي ارتفاع هيمنة الإمبريالية الأوروبية على معظم سكان ومجتمعات دول العالم ذات الأغلبية المسلمة فحسب، بل وأيضاً أثار الأفكار والمفكرين الذين ألهموا بدورهم ما أصبح معروفاً باسم الإسلاموية - وهي في حد ذاتها مزيج بين الفكرة والأيديولوجية - تحدد سواء في تأكيدها أو رفضها الضمني مجموعة من السياسات الاجتماعية والسياسية والأيديولوجيات التي لا تزال سائدة في الشرق الأوسط المعاصر وشمال أفريقيا.

وأبرزت كثير من البحوث في الآونة الأخيرة دور الإمبريالية الأوروبية والتجربة الاستعمارية على الإثنيات الناشئة والقوميات الدينية التي ترسخت لاحقاً في العالمين العربي والإسلامي. ويأمل موضوع هذا العام مواصلة تشجيع هذه البحوث مع التركيز على الأماكن التي مرت بهذه التجارب الاستعمارية بين المجتمعات المستعمرة. فمكة المكرمة والمدينة المنورة خاصة جمعت سنويا آلاف المواطنين المستعمَرين خلال موسم الحج، بل وأيضا على مدار السنة، كما جمعت علماء المسلمين المنفيين القادمين من الإمبراطوريات البريطانية، والهولندية، والفرنسية، والروسية، والتركية، وغيرها.

وتسعى ورشة العمل هذه على تفحص دور وتأثير هذه الأماكن الحجازية على الشبكات جنوب – جنوب الامبريالية الناشئة، والنظرة العالمية للباحثين الإسلاميين المستعمرين والمهاجرين. ورغبة في استكشاف الخاصية المكانية لمكة المكرمة والمدينة المنورة في القرن التاسع عشر بالنسبة للعلماء المسلمين والمنفيين من المجتمعات المستعمرة، فضلا عن أفكارهم ومن ورث عنهم هذه الأيديولوجية، يرحب المؤتمر بالمقترحات المتعلقة بأي من الموضوعات المتعلقة باللجان الأربعة المدرجة أدناه:

الجلسات:

 

  1. الشبكات البحثية في الحجاز في العهد العثماني عشية الاجتياح الامبريالي الأوروبي: تهدف هذه الجلسة إلى استكشاف الشبكات البحثية في العالم الإسلامي والمتواجدة في الحجاز ليلة اجتياح نابوليون لمصر، مع النظر خاصة إلى الشبكات الثقافية، والبحثية، والاجتماعية والتأثيرات التي انتقلت وانتشرت من وإلى مكة المكرمة والمدينة المنورة قبل الاستعمار الإمبريالي الأوروبي.
     
  2. الحج والاستعمار، العلماء المنفيون، والإسلام الدولاني الناشئ: تركز هذه الجلسة على الشبكات البحثية الرسمية للعلماء القادمين من المجتمعات المستعمرة وتراثهم الإيديولوجي ومن عاصرهم وتلاميذهم ومن حمل الإيديولوجيا الخاصة بهم من بعدهم. كما تحاول الكشف عن السياسات على مستوى الدولة، والمواقف وتأثيرها على مختلف الحركات والأفكار.
     
  3. التجار، والأقليات، والمهاجرون: تصرف هذه الجلسة تركيزها إلى الشبكات العامة مثل، سلالات التجار المسلمين التي نشئت في الحجاز وخلفياتهم الدينية والعلمية، وهجرة الأقليات المسلمة (الصينية والروسية وغيرها)، والمجموعات التي استقرت في الحجاز من المهاجرين من المجتمعات المستعمرة (الشيشانيين والداغستانيين، الجاوة، شمال أفريقيا، وغيرهم).
     
  4. سياسة الهوية، والمدن المقدسة في القرنين العشرين والواحد وعشرين، بين المؤسسات الدينية والمعارضات الدينية: تتفحص هذه الجلسة الأخيرة الأفكار الأيديولوجية الموروثة عن القرن التاسع عشر في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بالإضافة إلى تفحص الأفكار المتعلقة بالحج اللا سياسي، وكيفية تمثيل وتصوير مكة المكرمة في السرد الشرعي لكل من المؤسسات الدينية والمعارضين.