إيران تحاول بشكل متزايد تثبيت موطئ قدم استراتيجي لها في مرتفعات الجولان
إن الدور الإيراني الذي أعيد تأجيجه، ولكن بدرجة أكثر خطورة في سوريا، لهو دليل على جهودها لتوسيع عمقها الاستراتيجي، الذي يمتد من العراق، إلى قلب المناطق التي يسيطر عليها العلويون في سوريا، وإلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط في كل من سوريا ولبنان. في هذا السياق ، يمثل الحرص على فرض نفوذها في مرتفعات الجولان عنصراً حيوياً في صراعها الكبير لربط نقاط الهلال الذي تسيطر عليه إيران عبر بلاد الشام.
من خلال القيام بذلك، من المرجح أن تستفيد إيران من الدروس العملية إلى حد كبير، التي نجحت في معظمها، والاستفادة جيداً من الوسائل التي جربتها بالفعل في ميدان صراعها السياسي، أي دعم القوات التي تقاتل عنها بالوكالة. إن دعم حزب الله حليف إيران اللبناني وتنصيبه عدواً ضد إسرائيل يقدّم مثالا واضحاً لذلك، ونتيجة لذلك أصبح حزب الله، من وجهة نظر طهران، لاعبا متجذّراً في لبنان لا غنى عنه، ولاعباً مستقلاً إلى حد ما في كل من لبنان وسوريا. ومع تزايد انخراط إيران في جنوب غرب سوريا، بما في ذلك مرتفعات الجولان ، تنافس طهران بقوة لإثبات دورها المستقل الأكثر تأثيراً على الميدان السوري في المستقبل المنظور.
وتحاول إسرائيل، ومن خلال إجراء مضاد، التصدي لهذا التهديد المتزايد على طول حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان. إذ يبدو في الوقت الحالي، أنها عازمة على التمسك بما تراه ضمن قواعد اللعبة: تنفيذ سياسة احتواء استباقية ضد العناصر الإيرانية والعناصر الأخرى المرتبطة بإيران والتي تعمل بالوكالة لصالحها من خلال اللجوء إلى ضربات انتقامية دقيقة للحفاظ على مدى مصداقيتها وقدرتها على قوة الردع. هناك أيضا عنصر أكبر في هذا التفاعل. إن طريقة وأسلوب التنافس الإسرائيلي-الإيراني في سوريا له تداعيات ملموسة على كل من الرعاة والحلفاء. وهو ما اتضح من الضربات الأمريكية البريطانية الفرنسية ردا على مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما من قبل نظام الأسد، كذلك الاعتراف بدور روسيا - الضمني المؤثر في الساحة من خلال غض بصرها عن التحركات الإيرانية في سوريا، كما تعد روسيا بالنسبة لآخرين، قوة قادرة على كبح جماح طهران وأنها قناة حيوية يمكن أن تستجيب للمخاوف الإسرائيلية الأمنية – وأنها المفتاح لمنع أي شكل من أشكال التصعيد في سوريا.